بالسر كما يتعلق بالجهر لما حصلت فائدة الدعاء أو كان يقيده بمن يجهر بدعائه انتهى من كلام ابن المنير ملخصا وقال الكرماني لما كان بعض الذنوب مما يسمع وبعضها مما يبصر لم تقع مغفرته الا بعد الاسماع والابصار * (تنبيه) * المشهور في الروايات ظلما كثيرا بالمثلثة ووقع هنا للقابسي بالموحدة * الحديث الرابع حديث عائشة (قوله إن جبريل عليه السلام أتاني فقال إن الله قد سمع قول قومك وما ردوا عليك) هكذا ذكر هذا القدر منه مقتصرا عليه وساقه بتمامه في بدء الخلق وتقدم شرحه هناك والمراد منه هنا قوله إن الله قد سمع وقوله ما ردوا عليك أي أجابوك ويحتمل ان يكون أراد ردهم ما دعاهم إليه من التوحيد بعدم قبولهم وقال الكرماني المقصود من هؤلاء الأحاديث اثبات صفتي السمع والبصر وهما صفتان قديمتان من الصفات الذاتية وعند حدوث المسموع والمبصر يقع التعلق واما المعتزلة فقالوا انه سميع يسمع كل مسموع وبصير يبصر كل مبصر فادعوا انهما صفتان حادثتان وظواهر الآيات والأحاديث ترد عليهم وبالله التوفيق (قوله باب قول الله تعالى قل هو القادر) قال ابن بطال القدرة من صفات الذات وقد تقدم في باب قوله تعالى اني انا الرزاق ان القوة والقدرة بمعنى واحد وتقدم نقل الأقوال في ذلك والبحث فيها (قوله سمعت محمد بن المنكدر يحدث عبد الله بن الحسن) أي ابن الحسن بن علي بن أبي طالب وكان عبد الله كبير بني هاشم في وقته قال ابن سعد كان من العباد وله عارضة وهيئة وقال مصعب الزبيدي ما كان علماء المدينة يكرمون أحدا ما يكرمونه ووثقه ابن معين والنسائي وغيرهما وهو من صغار التابعين روى عن عم جده عبد الله بن جعفر بن أبي طالب وله رواية عن أمه فاطمة بنت الحسين وعن غيرها ومات في حبس المنصور سنة ثلاث وأربعين ومائة وله خمس وسبعون سنة وليس له ذكر في البخاري الا في هذا الموضع وقد أفصح عبد الرحمن بن أبي الموالي بالواقع في حال تحمله ولم يتصرف فيه بأن يقول حدثني ولا أخبرني لكن أخرجه أبو داود من وجه آخر عنه فقال حدثني محمد بن المنكدر وعليه في ذلك اعتراض لاحتمال ان يكون محمد بن المنكدر لم يقصده بالتحديث وقد سلك في ذلك النسائي والبرقاني مسلك التحري فكان النسائي فيما سمعه في الحالة التي لم يقصده المحدث فيها بالتحديث لا يقول حدثنا ولا أخبرنا ولا سمعت بل يقول فلان قرأه عليه وانا اسمع وكان البرقاني يقول سمعت فلانا يقول وجوز الأكثر إطلاق التحديث والاخبار لكون المقصود بالتحديث من جنس من سمع ولو لم يكن مقصودا فيجوز ذلك عندهم لكن بصيغة الجمع فيقول حدثنا أي حدث قوما انا فيهم فسمعت ذلك منه حين حدث ولو لم يقصد بالتحديث وعلى هذا فيمتنع بالافراد بان يقول مثلا حدثني بل ويمتنع في الاصطلاح أيضا لأنه مخصوص بمن سمع وحده من لفظ الشيخ ومن ثم كان التعبير بالسماع أصرح الصيغ لكونه أدل على الواقع وقد تقدم حديث الباب في صلاة الليل وفي الدعوات من وجهين آخرين عن عبد الرحمن بن أبي الموالي ذكره في كل منهما بالعنعنة قال عن محمد بن المنكدر ولم يقل سمعت ولا حدثنا وكذا أخرجه الترمذي والنسائي وهو جائز لأنها صيغة محتملة فافادت هذه الرواية تعين أحد الاحتمالين وهو التصريح بسماعه ولهذا نزل فيه البخاري درجة لأنه عنده في الموضعين المذكورين بواسطة واحد عن عبد الرحمن وهنا وقع بينه وبين عبد الرحمن اثنان لكن سهل عليه النزول تحصيل فائدة الاطلاع على الواقع وفيها تصريح عبد الرحمن بالسماع في موضع العنعنة فاما من يخشى من
(٣١٨)