فان المراد به في استعمالهم الشائع حق الله فلا يتوقف في حمله عليه وكذا قوله إن قلب ابن آدم بين إصبعين من أصابع الرحمن فأن المراد به إرادة قلب ابن آدم مصرفة بقدرة الله وما يوقعه فيه وكذا قوله تعالى فأتى الله بنيانهم من القواعد معناه خرب الله بنيانهم وقوله انما نطعمكم لوجه الله معناه لأجل الله وقس على ذلك وهو تفصيل بالغ قل من تيقظ له وقال غيره اتفق المحققون على أن حقيقة الله مخالفة لسائر الحقائق وذهب بعض أهل الكلام إلى انها من حيث إنها ذات مساوية لسائر الذوات وانما تمتاز عنها بالصفات التي تختص بها كوجوب الوجود والقدرة التامة والعلم التام وتعقب بأن الأشياء المتساوية في تمام الحقيقة يجب ان يصح على كل واحد منها ما يصح على الاخر فيلزم من دعوى التساوي المحال وبان أصل ما ذكروه قياس الغائب على الشاهد وهو أصل كل خبط والصواب الامساك عن أمثال هذه المباحث والتفويض إلى الله في جميعها والاكتفاء بالايمان بكل ما أوجب الله في كتابه أو على لسان نبيه إثباته له أو تنزيهه عنه على طريق الاجمال وبالله التوفيق (1) ولو لم يمكن في ترجيح التفويض على التأويل الا ان صاحب التأويل ليس جازما بتأويله بخلاف صاحب التفويض (قوله باب قول الله تعالى ويحذركم الله نفسه وقول الله تعالى تعلم ما في نفسي ولا اعلم ما في نفسك) قال الراغب نفسه ذاته وهذا وإن كان يقتضي المغايرة من حيث أنه مضاف ومضاف إليه فلا شئ من حيث المعنى سوى واحد سبحانه وتعالى عن الاثنينية من كل وجه وقيل إن إضافة النفس هنا إضافة ملك والمراد بالنفس نفوس عباده انتهى ملخصا ولا يخفى بعد الأخير وتكلفه وترجم البيهقي في الأسماء والصفات النفس وذكر هاتين الآيتين وقوله تعالى كتب ربكم على نفسه الرحمة وقوله تعالى واصطنعتك لنفسي ومن الأحاديث الحديث الذي فيه أنت كما أثنيت على نفسك والحديث الذي فيه اني حرمت الظلم على نفسي وهما في صحيح مسلم (قلت) وفيه أيضا الحديث الذي فيه سبحان الله رضا نفسه ثم قال والنفس في كلام العرب على أوجه منها الحقيقة كما يقولون في نفس الامر وليس للامر نفس منفوسه ومنها الذات قال وقد قيل في قوله تعالى تعلم ما في نفسي ولا اعلم ما في نفسك أن معناه تعلم ما أكنه وما أسره ولا أعلم ما تسره عني وقيل ذكر النفس هنا للمقابلة والمشاكلة وتعقب بالآية التي في أول الباب فليس فيها مقابلة وقال أبو إسحاق الزجاج في قوله تعالى ويحذركم الله نفسه أي إياه وحكى صاحب المطالع في قوله تعالى ولا أعلم ما في نفسك ثلاثة أقوال أحدها لا أعلم ذاتك ثانيها لا أعلم ما في غيبك ثالثها لا أعلم ما عندك وهو بمعنى قول غيره لا أعلم معلومك أو ارادتك أو سرك أو ما يكون منك ثم ذكر البخاري في الباب ثلاثة أحاديث * أحدها حديث عبد الله وهو ابن مسعود ما من أحد أغير من الله وفيه وما أحد أحب إليه المدح من الله كذا وقع هنا مختصرا وتقدم في تفسير سورة الأنعام من طريق أبي وائل وهو شقيق بن سلمة المذكور هنا أتم منه وهذا الحديث مداره في الصحيحين على أبي وائل وأخرجه مسلم في رواية عبد الرحمن بن يزيد النخعي عن ابن مسعود نحوه وزاد فيه ولا أحد أحب إليه العذر من الله من أجل ذلك أنزل الكتب وأرسل الرسل وهذه الزيادة عند المصنف في حديث المغيرة الآتي في باب لا شخص أغير من الله قال ابن بطال في هذه الآيات والأحاديث اثبات النفس لله وللنفس معان والمراد بنفس الله ذاته وليس بأمر مزيد عليه فوجب ان يكون هو واما قوله أغير من الله فسبق الكلام عليه في كتاب
(٣٢٤)