في باب الشهادة تكون عند الحاكم وقال الكرابيسي الذي عندي ان شرط جواز الحكم بالعلم ان يكون الحاكم مشهورا بالصلاح والعفاف والصدق ولم يعرف بكبير زلة ولم يؤخذ عليه خربة بحيث تكون أسباب التقى فيه موجودة وأسباب التهم فيه مفقودة فهذا الذي يجوز له ان يحكم بعلمه مطلقا (قلت) وكان البخاري أخذ ذلك عنه فإنه من مشايخه (قوله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لهند خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف) هذا اللفظ وصله المؤلف في النفقات من طريق هشام بن عروة عن أبيه وقد ساق القصة في هذا الباب بغير هذا اللفظ من طريق الزهري عن عروة وقوله وذلك إذا كان أمرا مشهورا هذا تفسير قول من قال يقضي بعلمه مطلقا ويحتمل ان يكون المراد المشهور الشئ المأمور بأخذه ثم ذكر قصة هند بنت عتبة (قوله ما كان على ظهر الأرض أهل خباء أحب الخ) تقدم في السيرة النبوية في المناقب والكلام عليه وتقدم شرح ما تضمنه الحديث المذكور في كتاب النفقات وفيه بيان استدلال من استدل به على جواز حكم الحاكم بعلمه ورد قول المستدل به على الحكم على الغائب قال ابن بطال احتج من أجاز للقاضي ان يحكم بعلمه بحديث الباب فإنه صلى الله عليه وسلم قضى لها بوجوب النفقة لها ولولدها لعلمه بأنها زوجة أبي سفيان ولم يلتمس على ذلك بينة ومن حيث النظر ان علمه أقوى من الشهادة لأنه يتيقن ما علمه والشهادة قد تكون كذبا وحجة من منع قوله في حديث أم سلمة انما أقضي له بما أسمع ولم يقل بما أعلم وقال للحضرمي شاهداك أو يمينه وفيه وليس لك الا ذلك ولما يخشى من قضاة السوء ان يحكم أحدهم بما شاء ويحيل على علمه احتج من منع مطلقا بالتهمة واحتج من فصل بان الذي علمه الحاكم قبل القضاء كان على طريق الشهادة فلو حكم به لحكم بشهادة نفسه فصار بمنزلة من قضى بدعواه على غيره وأيضا فيكون كالحاكم بشاهد واحد وقد تقدم له تعليل آخر واما في حال القضاء ففي حديث أم سلمة فإنما أقضي له على نحو ما أسمع ولم يفرق بين سماعه من شاهد أو مدع وسيأتي تفصيل المذاهب في الحكم بالعلم في باب الشهادة تكون عند الحاكم في ولاية القضاء وقال ابن المنير لم يتعرض ابن بطال لمقصود الباب وذلك أن البخاري احتج لجواز الحكم بالعلم بقصة هند فكان ينبغي للشارح ان يتعقب ذلك بأن لا دليل فيه لأنه خرج مخرج الفتيا وكلام المفتي يتنزل على تقدير صحة انهاء المستفتى فكأنه قال إن ثبت انه يمنعك حقك جاز لك استيفاؤه مع الامكان قال وقد أجاب بعضهم بأن الأغلب من أحوال النبي صلى الله عليه وسلم الحكم والالزام فيجب تنزيل لفظه عليه لكن يرد عليه انه صلى الله عليه وسلم ما ذكر في قصة هند انه يعلم صدقها بل ظاهر الامر انه لم يسمع هذه القصة الا منها فكيف يصح الاستدلال به على حكم الحاكم بعلمه (قلت) وما ادعى نفيه بعيد فإنه لو لم يعلم صدقها لم يأمرها بالأخذ واطلاعه على صدقها ممكن بالوحي دون من سواه فلا بد من سبق علم 1 ويؤيد اطلاعه على حالها من قبل ان تذكر ما ذكرت من المصاهرة ولأنه قبل قولها انها زوجة أبي سفيان بغير بينة واكتفى فيه بالعلم ولأنه لو كانت فتيا لقال مثلا تأخذ فلما اتى بصيغة الامر بقوله خذي دل على الحكم وسيأتي لهذا مزيد في باب القضاء على الغائب ثم قال ابن المنير أيضا لو كان حكما لاستدعى معرفة المحكوم به والواقع ان المحكوم به غير معين كذا قال والله أعلم * (قوله باب الشهادة على الخط المختوم) كذا للأكثر بمعجمة ثم مثناة وفي رواية الكشميهني المحكوم بمهملة ثم كاف أي المحكوم به
(١٢٣)