واما الثاني فمضى في كتاب الصلاة من حديث عبادة بن الصامت (قوله حدثني سليمان) هو ابن حرب (قوله عن الوليد وحدثني عباد) اما الوليد فهو ابن العيزار المذكور في السند الثاني والقائل حدثني عباد هو البخاري وعباد شيخه هذا مذكور بالرفض ولكنه موصوف بالصدق وليس له عند البخاري الا هذا الحديث الواحد وساقه على لفظه وقد تقدم لفظ شعبة في باب فضل الصلاة لوقتها في أبواب المواقيت من كتاب الصلاة وفيه ثم أي ثم أي في الموضعين وأوله سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله وعرف منه تسمية المبهم في هذه الرواية حيث قال فيها ان رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل فيحتمل ان يكون الراوي حدث به بالمعنى فأبهم السائل ذهولا عن انه الراوي كما حذف من صورة السؤال الترتيب في قوله قلت ثم أي ويحتمل ان يكون ابن مسعود حدث به على الوجهين والأول أقرب وأبو عمرو الشيباني شيخ الوليد بن العيزار هو سعد بن إياس أحد كبار التابعين والشيباني الراوي عن العيزار هو أبو إسحاق الكوفي واسمه سليمان وهو تابعي صغير وفي السند ثلاثة من التابعين في نسق ورجال سنده كلهم كوفيون وقد أخرجه الإسماعيلي من رواية أحمد بن إبراهيم الموصلي عن عباد بن العوام فقال في روايته عن أبي إسحاق يعني الشيباني وقال فيه سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم أو قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الأعمال أيها أفضل فهذا مما يؤيد الاحتمال الأول وان الراوي لم يضبط اللفظ وشعبه أتقن من الشيباني وأضبط لألفاظ الحديث فروايته هي المعتمدة والله أعلم (قوله باب قول الله تعالى ان الانسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا) سقط لأبي ذر لفظ قول الله تعالى وزاد في روايته هلوعا ضجورا وهو تفسير أبي عبيدة قال خلق هلوعا أي ضجورا والهلاع مصدر وهو أشد الجزع ((قوله عن الحسن) هو البصري والسند كله بصريون وعمرو بن تغلب بالمثناة المفتوحة والمعجمة الساكنة واللام المكسورة بعدها موحدة هو النمري بفتح الميم والنون والتخفيف وقد تقدم شرح حديثه هذا في فرض الخمس والغرض منه قوله فيه لما في قلوبهم من الجزع والهلع قال ابن بطال مراده في هذا الباب اثبات خلق الله تعالى للانسان بأخلاقه من الهلع والصبر والمنع والاعطاء وقد استثنى الله المصلين الذين هم على صلاتهم دائمون لا يضجرون بتكررها عليهم ولا يمنعون حق الله في أموالهم لانهم يحتسبون بها الثواب ويكسبون بها التجارة الرابحة في الآخرة وهذا يفهم منه أن من ادعى لنفسه قدرة وحولا بالامساك والشح والضجر من الفقر وقلة الصبر لقدر الله تعالى ليس بعالم ولا عابد لان من ادعى أن له قدرة على نفع نفسه أو دفع الضر عنها فقد افترى انتهى ملخصا وأوله كاف في المراد فان قصد البخاري أن الصفات المذكورة بخلق الله تعالى في الانسان لا أن الانسان يخلقها بفعله وفيه أن الرزق في الدنيا ليس على درجة المرزوق في الآخرة واما في الدنيا فإنما تقع العطية والمنع بحسب السياسة الدنيوية فكان صلى الله عليه وسلم يعطي من يخشى عليه الجزع والهلع لو منع ويمنع من يثق بصبره واحتماله وقناعته بثواب الآخرة وفيه ان البشر جبلوا على حب العطاء وبغض المنع والاسراع إلى إنكار ذلك قبل الفكرة في عاقبته الا من شاء الله وفيه أن المنع قد يكون خيرا للممنوع كما قال تعالى وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم ومن ثم قال الصحابي ما أحب ان لي بتلك الكلمة حمر النعم والباء في قوله بتلك
(٤٢٦)