وقال ابن التين قوله هنا في حديث أبي موسى وأمرني بحفظ الباب مغاير لقوله في الرواية الماضية ولم يأمرني بحفظه فأحدهما وهم (قلت) بل هما جميعا محفوظان فالنفي كان في أول ما جاء فدخل النبي صلى الله عليه وسلم الحائط فجلس أبو موسى في الباب وقال لأكونن اليوم بواب النبي صلى الله عليه وسلم فقوله ولم يأمرني بحفظه كان في تلك الحالة ثم لما جاء أبو بكر واستأذن له فأمره ان يأذن له أمره حينئذ بحفظ الباب تقريرا له على ما فعله ورضا به اما تصريحا فيكون الامر له بذلك حقيقة واما لمجرد التقرير فيكون الامر مجازا وعلى الاحتمالين لا وهم وقد تقدم له توجيه آخر في مناقب أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه * (قوله باب ما كان يبعث النبي صلى الله عليه وسلم من الامراء والرسل واحدا بعد واحد) تقدم بيانه في أول هذه الأبواب مجملا وقد سبق إلى ذلك أيضا الشافعي فقال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سراياه وعلى كل سرية واحد وبعث رسله إلى الملوك إلى كل ملك واحد ولم تزل كتبه تنفذ إلى ولاته بالامر والنهي فلم يكن أحد من ولاته يترك انفاذ أمره وكذا كان الخلفاء بعده انتهى فاما أمراء السرايا فقد استوعبهم محمد بن سعد في الترجمة النبوية وعقد لهم بابا سماهم فيه على الترتيب واما أمراء البلاد التي فتحت فإنه صلى الله عليه وسلم أمر على مكة عتاب بن أسيد وعلى الطائف عثمان بن أبي العاص وعلى البحرين العلاء بن الحضرمي وعلى عمان عمرو بن العاص وعلى نجران أبا سفيان بن حرب وأمر على صنعاء وسائر جبال اليمن باذان ثم ابنه شهر وفيروز والمهاجر بن أبي أمية وأبان بن سعيد بن العاص وأمر على السواحل أبا موسى وعلى الجند وما معها معاذ بن جبل وكان كل منهما يقضي في عمله ويسير فيه وكانا ربما التقيا كما تقدم وأمر أيضا عمرو بن سعيد بن العاص على وادي القرى ويزيد بن أبي سفيان على تيماء وثمامة بن أثال على اليمامة فأما أمراء السرايا والبعوث فكانت أمرتهم تنتهي بانتهاء تلك الغزوة وأما أمراء القرى فإنهم استمروا فيها ومن أمرائه أبو بكر على الحج سنة تسع وعلي لقسمة الغنيمة وافراد الخمس باليمن وقراءة سورة براءة على المشركين في حجة أبي بكر وأبو عبيدة لقبض الجزية من البحرين و عبد الله بن رواحة لخرص خيبر إلى أن استشهد في غزوة مؤتة ومنهم عماله لقبض الزكوات كما تقدم قريبا في قصة ابن اللتبية واما رسله إلى الملوك فسمى منهم دحية وعبد الله بن حذافة وهما في هذه الترجمة وأخرج مسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم بعث رسله إلى الملوك يعني الذين كانوا في عصره (قلت) وقد استوعبهم محمد بن سعد أيضا وأفردهم بعض المتأخرين في جزء تتبعهم من أسد الغابة لابن الأثير ثم ذكر فيه ثلاثة أحاديث * الأول (قوله وقال ابن عباس بعث النبي صلى الله عليه وسلم دحية الكلبي بكتابه إلى عظيم بصرى أن يدفعه إلى قيصر) هو طرف من الحديث الطويل المذكور في بدء الوحي وتقدم شرحه هناك وتسميته عظيم بصرى وكيفية إرساله الكتاب المذكور إلى هرقل وهذا التعليق ثبت في رواية الكشميهني وحده هنا * الحديث الثاني (قوله يونس) هو ابن يزيد الأيلي (قوله بعث بكتابه إلى كسرى فأمره ان يدفعه إلى عظيم البحرين) كذا هنا والضمير في قوله فأمره للمبعوث الذي دل عليه قوله بعث وقد تقدم في أواخر المغازي وان الرسول عبد الله بن حذافة السهمي الذي تقدمت قصته قريبا في السرية وقوله فحسبت ان ابن المسيب القائل هو ابن شهاب كما تقدم بيانه هناك (قوله إن يمزقوا كل ممزق) فيه تلميح بما أخبر الله تعالى انه
(٢٠٥)