يقال له جهم من الدهرية فان ظفرت به فاقتله ولكن لا يلزم من ذلك أن يكون قتله وقع في زمن هشام وإن كان ظهور مقالته وقع قبل ذلك حتى كاتب فيه هشام والله أعلم وقال ابن حزم في كتاب الملل والنحل فرق المقرين بملة الاسلام خمس أهل السنة ثم المعتزلة ومنهم القدرية ثم المرجئة ومنهم الجهمية والكرامية ثم الرافضة ومنهم الشيعة ثم الخوارج ومنهم الأزارقة والأباضية ثم افترقوا فرقا كثيرا فأكثر افتراق أهل السنة في الفروع واما في الاعتقاد ففي نبذ يسيرة واما الباقون ففي مقالاتهم ما يخالف أهل السنة الخلاف البعيد والقريب فاقرب فرق المرجئة من قال الايمان التصديق بالقلب واللسان فقط وليست العبادة من الايمان وأبعدهم الجهمية القائلون بان الايمان عقد بالقلب فقط وان أظهر الكفر والتثليث بلسانه وعبد الوثن من غير تقية والكرامية القائلون بأن الايمان قول باللسان فقط وان اعتقد الكفر بقلبه وساق الكلام على بقية الفرق ثم قال فاما المرجئة فعمدتهم الكلام في الايمان والكفر فمن قال إن العبادة من الايمان وانه يزيد وينقص ولا يكفر مؤمنا بذنب ولا يقول إنه يخلد في النار فليس مرجئا ولو وافقهم في بقية مقالاتهم واما المعتزلة فعمدتهم الكلام في الوعد والوعيد والقدر فمن قال القرآن ليس بمخلوق وأثبت القدر ورؤية الله تعالى في القيامة وأثبت صفاته الواردة في الكتاب والسنة وان صاحب الكبائر لا يخرج بذلك عن الايمان فليس بمعتزلي وان وافقهم في سائر مقالاتهم وساق بقية ذلك إلى أن قال واما الكلام فيما يوصف الله به فمشترك بين الفرق الخمسة من مثبت لها وناف فرأس النفاة المعتزلة والجهمية فقد بالغوا في ذلك حتى كادوا يعطلون ورأس المثبتة مقاتل بن سليمان ومن تبعه من الرافضة والكرامية فإنهم بالغوا في ذلك حتى شبهوا الله تعالى بخلقه تعالى الله سبحانه عن أقوالهم علوا كبيرا ونظير هذا التباين قول الجهمية ان العبد لا قدرة له أصلا وقول القدرية انه يخلق فعل نفسه (قلت) وقد أفرد البخاري خلق أفعال العباد في تصنيف وذكر منه هنا أشياء بعد فراغه مما يتعلق بالجهمية * (قوله باب ما جاء في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى توحيد الله تعالى) المراد بتوحيد الله تعالى الشهادة بأنه اله واحد وهذا الذي يسميه بعض غلاة الصوفية توحيد العامة وقد ادعى طائفتان في تفسير التوحيد أمرين اخترعوهما أحدهما تفسير المعتزلة كما تقدم ثانيهما غلاة الصوفية فان أكابرهم لما تكلموا في مسئلة المحو والفناء وكان مرادهم بذلك المبالغة في الرضا والتسليم وتفويض الامر بالغ بعضهم حتى ضاهى المرجئة في نفي نسبة الفعل إلى العبد وجر ذلك بعضهم إلى معذرة العصاة ثم غلا بعضهم فعذر الكفار ثم غلا بعضهم فزعم أن المراد بالتوحيد اعتقاد وحدة الوجود وعظم الخطب حتى ساء ظن كثير من أهل العلم بمتقدميهم وحاشاهم من ذلك وقد قدمت كلام شيخ الطائفة الجنيد وهو في غاية الحسن والايجاز وقد رد عليه بعض من قال بالوحدة المطلقة فقال وهل من غير ولهم في ذلك كلام طويل ينبو عنه سمع كل من كان على فطرة الاسلام والله المستعان وذكر في الباب أربعة أحاديث * الحديث الأول حديث معاذ بن جبل في بعثه إلى اليمن أورده من طريقين الأولى أعلى من الثانية وقد أورد الطريق العالية في كتاب الزكاة وساقها هناك على لفظ أبي عاصم راويها وذكره هناك من وجه آخر بنزول وعبد الله بن أبي الأسود شيخه في هذا الباب هو ابن محمد بن أبي الأسود ينسب إلى جده واسمه حميد بن الأسود والفضل بن العلاء يكنى أبا العلاء ويقال أبو العباس وهو كوفي نزل البصرة
(٢٩٢)