كتابا في العقول نزل به الوحي وأخرج البيهقي بسند صحيح عن حسان بن عطية أحد التابعين من ثقات الشاميين كان جبريل ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم بالسنة كما ينزل عليه بالقرآن ويجمع ذلك كله وما ينطق عن الهوى الآية ثم ذكر الشافعي أن من وجوه الوحي ما يراه في المنام وما يلقيه روح القدس في روعه ثم قال ولا تعدوا السنن كلها واحدا من هذه المعاني التي وصفت انتهى واحتج من ذهب إلى أنه كان يجتهد بقول الله تعالى فاعتبروا يا أولي الابصار والأنبياء أفضل أولي الابصار ولما ثبت من أجر المجتهد ومضاعفته والأنبياء أحق بما فيه جزيل الثواب ثم ذكر ابن بطال أمثلة مما عمل فيه صلى الله عليه وسلم بالرأي من أمر الحرب وتنفيذ الجيوش واعطاء المؤلفة وأخذ الفداء من أسارى بدر واستدل بقوله تعالى وشاورهم في الامر قال ولا تكون المشورة الا فيما لا نص فيه واحتج الداودي بقول عمر ان الرأي كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم مصيبا وانما هو منا الظن والتكلف وقال الكرماني قال المجوزون كأن التوقف فيما لم يجد له أصلا يقيس عليه والا فهو مأمور به لعموم قوله تعالى فاعتبروا يا أولي الابصار انتهى وهو ملخص مما تقدم واحتج ابن عبد البر لعدم القول بالرأي بما أخرجه من طريق ابن شهاب ان عمر خطب فقال يا أيها الناس ان الرأي انما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم مصيبا لان الله عز وجل يريه وانما هو منا الظن والتكلف وبهذا يمكن التمسك به لمن يقول كان يجتهد لكن لا يقع فيما يجتهد فيه خطأ أصلا وهذا في حقه صلى الله عليه وسلم فاما من بعده فان الوقائع كثرت والأقاويل انتشرت فكان السلف يتحرزون من المحدثات ثم انقسموا ثلاث فرق الأولى تمسكت بالامر وعملوا بقوله صلى الله عليه وسلم عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين فلم يخرجوا في فتاويهم عن ذلك وإذا سئلوا عن شئ لا نقل عندهم فيه أمسكوا عن الجواب وتوقفوا والثانية قاسوا ما لم يقع على ما وقع وتوسعوا في ذلك حتى أنكرت عليهم الفرقة الأولى كما تقدم ويجئ والثالثة توسطت فقدمت الأثر ما دام موجودا فإذا فقد قاسوا (قوله وقال ابن مسعود سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الروح فسكت حتى نزلت الآية) هو طرف من الحديث الذي مضى قريبا في آخر باب ما يكره من كثرة السؤال موصولا إلى بن مسعود لكنه ذكره فيه بلفظ فقام ساعة ينظر وأورده بلفظ فسكت في كتاب العلم وأورده في تفسير سبحان بلفظ فأمسك وفي رواية مسلم فأمسك النبي صلى الله عليه وسلم فلم يرد عليه شيئا ثم ذكر حديث جابر في مرضه وسؤاله كيف أصنع في مالي قال فما أجابني بشئ حتى نزلت آية الميراث وهو ظاهر فيما ترجم له وقد مضى شرحه مستوفى في تفسير سورة النساء (قوله باب تعليم النبي صلى الله عليه وسلم أمته من الرجال والنساء مما علمه الله ليس برأي ولا تمثيل) قال المهلب مراده ان العالم إذا كان يمكنه ان يحدث بالنصوص لا يحدث بنظره ولا قياسه انتهى والمراد بالتمثيل القياس وهو اثبات مثل حكم معلوم في آخر لاشتراكهما في علة الحكم والرأي أعم وذكر فيه حديث أبي سعيد في سؤال المرأة قد ذهب الرجال بحديثك وفيه فأتاهن فعلمهن مما علمه الله وفيه ثم قال ما منكن امرأة تقدم بين يديها من ولدها ثلاثة وقد مضى شرحه مستوفى في أول كتاب الجنائز وفي العلم وقوله جاءت امرأة لم أقف على اسمها ويحتمل أن تكون هي أسماء بنت يزيد بن السكن وقوله هنا فأتاهن فعلمهن مما علمه الله تقدم هناك بلفظ فوعدهن
(٢٤٨)