الوجه ومنهم من قال المراد بالعين الرؤية فعلى هذا فقوله ولتصنع على عيني أي لتكون بمرأى مني وكذا قوله واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا أي بمرأى منا والنون للتعظيم ومال إلى ترجيح الأول لأنه مذهب السلف ويتأيد بما وقع في الحديث وأشار بيده فان فيه إيماء إلى الرد على من يقول معناها القدرة صرح بذلك قول من قال إنها صفة ذات وقال ابن المنير وجه الاستدلال على اثبات العين لله من حديث الدجال من قوله إن الله ليس بأعور من جهة أن العور عرفا عدم العين وضد العور ثبوت العين فلما نزعت هذه النقيصة لزم ثبوت الكمال بضدها وهو وجود العين وهو على سبيل التمثيل والتقريب للفهم لا على معنى اثبات الجارحة قال ولأهل الكلام في هذه الصفات كالعين والوجه واليد ثلاثة أقوال أحدها انها صفات ذات أثبتها السمع ولا يهتدي إليها العقل والثاني ان العين كناية عن صفة البصر واليد كناية عن صفة القدرة والوجه كناية عن صفة الوجود والثالث امرارها على ما جاءت مفوضا معناها إلى الله تعالى وقال الشيخ شهاب الدين السهروردي في كتاب العقيدة له أخبر الله في كتابه وثبت عن رسوله الاستواء والنزول والنفس واليد والعين فلا يتصرف فيها بتشبيه ولا تعطيل إذ لولا أخبار الله ورسوله ما تجاسر عقل ان يحوم حول ذلك الحمى قال الطيبي هذا هو المذهب المعتمد وبه يقول السلف الصالح وقال غيره لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه من طريق صحيح التصريح بوجوب تأويل شئ من ذلك ولا المنع من ذكره ومن المحال ان يأمر الله نبيه بتبليغ ما أنزل إليه من ربه وينزل عليه اليوم أكملت لكم دينكم ثم يترك هذا الباب فلا يميز ما يجوز نسبته إليه مما لا يجوز مع حضه على التبليغ عنه بقوله ليبلغ الشاهد الغائب حتى نقلوا أقواله وأفعاله وأحواله وصفاته وما فعل بحضرته فدل على أنهم اتفقوا على الايمان بها على الوجه الذي أراده الله منها ووجب تنزيهه عن مشابهة المخلوقات وقوله تعالى ليس كمثله شئ فمن أوجب خلاف ذلك بعدهم فقد خالف سبيلهم وبالله التوفيق وقد سئلت هل يجوز لقارئ هذا الحديث ان يصنع كما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجبت وبالله التوفيق انه ان حضر عنده من يوافقه على معتقده وكان يعتقد تنزيه الله تعالى عن صفات الحدوث وأراد التأسي محضا جاز والأولى به الترك خشية ان يدخل على من يراه شبهة التشبيه تعالى الله عن ذلك ولم أر في كلام أحد من الشراح في حمل هذا الحديث على معنى خطر لي فيه اثبات التنزيه وحسم مادة التشبيه عنه وهو ان الإشارة إلى عينه صلى الله عليه وسلم انما هي بالنسبة إلي عين الدجال فإنها كانت صحيحة مثل هذه ثم طرأ عليها العور لزيادة كذبه في دعوى الإلهية وهو انه كان صحيح العين مثل هذه فطرأ عليها النقص ولم يستطع دفع ذلك عن نفسه (قوله باب قول الله تعالى هو الخالق البارئ المصور) كذا للأكثر والتلاوة هو الله الخالق الخ وثبت كذلك في بعض النسخ من رواية كريمة قال الطيبي قيل إن الألفاظ الثلاثة مترادفة وهو وهم فان الخالق من الخلق واصله التقدير المستقيم ويطلق على الابداع وهو ايجاد الشئ على غير مثال كقوله تعالى خلق السماوات والأرض على التكوين كقوله تعالى خلق الانسان من نطفة والبارئ من البرء وأصله خلوص الشئ عن غيره اما على سبيل التقصي منه وعليه قولهم برأ فلان من مرضه والمديون من دينه ومنه استبرأت الجارية واما على سبيل الانشاء ومنه برأ الله النسمة وقيل البارئ الخالق البرئ من التفاوت والتنافر المخلين بالنظام والمصور
(٣٣٠)