حذيفة الايمان وتحقيق ذلك فيما دكر من رفعها ان الأعمال السيئة لا تزال تضعف الايمان حتى إذا تناهى الضعف لم يبق الا أثر الايمان وهو التلفظ باللسان والاعتقاد الضعيف في ظاهر القلب فشبهه بالأثر في ظاهر البدن وكنى عن ضعف الايمان بالنوم وضرب مثلا لزهوق الايمان عن القلب حالا بزهوق الحجر عن الرجل حتى يقع بالأرض (قوله ولا أبالي أيكم بايعت) تقدم في الرقاق ان مراده المبايعة في السلع ونحوها لا المبايعة بالخلافة ولا الامارة وقد اشتد إنكار أبي عبيد وغيره على من حمل المبايعة هنا على الخلافة وهو واضح ووقع في عبارته ان حذيفة كان لا يرضى بأحد بعد عمر يعني في الخلافة وهي مبالغة والا فقد كان عثمان ولاه على المدائن وقد قتل عثمان وهو عليها وبايع لعلي وحرض على المبايعة له والقيام في نصره ومات في أوائل خلافته كما مضى في باب إذا التقى المسلمان بسيفيهما والمراد انه لوثوقه بوجود الأمانة في الناس أولا كان يقدم على مبايعة من اتفق من غير بحث عن حاله فلما بدأ التغير في الناس وظهرت الخيانة صار لا يبايع الا من يعرف حاله ثم أجاب عن إيراد مقدر كأن قائلا قال له لم تزل الخيانة موجودة لان الوقت الذي أشرت إليه كان أهل الكفر فيه موجودين وهم أهل الخيانة فأجاب بأنه وإن كان الامر كذلك لكنه كان يثق بالمؤمن لذاته وبالكافر لوجود ساعيه وهو الحاكم الذي يحكم عليه وكانوا لا يستعملون في كل عمل قل أو جل الا المسلم فكان واثقا بانصافه وتخليص حقه من الكافر ان خانه بخلاف الوقت الأخير الذي أشار إليه فإنه صار لا يبايع الا أفرادا من الناس يثق بهم وقال ابن العربي قال حذيفة هذا القول لما تغيرت الأحوال التي كان يعرفها على عهد النبوة والخليفتين فأشار إلى ذلك بالمبايعة وكنى عن الايمان بالأمانة وعما يخالف احكامه بالخيانة والله أعلم * (قوله باب التعرب في الفتنة) بالعين المهملة والراء الثقيلة أي السكنى مع الاعراب بفتح الألف وهو أن ينتقل المهاجر من البلد التي هاجر إليها فيسكن البدو فيرجع بعد هجرته أعرابيا وكان إذ ذاك محرما الا ان أذن له الشارع في ذلك وقيده بالفتنة إشارة إلى ما ورد من الاذن في ذلك عند حلول الفتن كما في ثاني حديثي الباب وقيل بمنعه في زمن الفتنة لما يترتب عليه من خذلان أهل الحق ولكن نظر السلف اختلف في ذلك فمنهم من آثر السلامة واعتزل الفتن كسعد ومحمد بن مسلمة وابن عمر في طائفة ومنهم من باشر القتال وهم الجمهور ووقع في رواية كريمة التعزب بالزاي وبينهما عموم وخصوص وقال صاحب المطالع وجدته بخطي في البخاري بالزاي وأخشى أن يكون وهما فان صح فمعناه البعد والاعتزال (قوله حدثنا حاتم) بمهملة ثم مثناة هو ابن إسماعيل الكوفي نزيل المدينة ويزيد بن أبي عبيد في رواية القعنبي عن حاتم أنبأنا يزيد بن أبي عبيد أخرجها أبو نعيم (قوله عن سلمة بن الأكوع انه دخل على الحجاج) هو ابن يوسف الثقفي الأمير المشهور وكان ذلك لما ولي الحجاج امرة الحجاز بعد قتل ابن الزبير فسار من مكة إلى المدينة وذلك في سنة أربع وسبعين (قوله ارتددت على عقبيك) كأنه أشار إلى ما جاء من الحديث في ذلك كما تقدم عند عد الكبائر في كتاب الحدود فان من جملة ما ذكر في ذلك من رجع بعد هجرته أعرابيا وأخرج النسائي من حديث ابن مسعود رفعه لعن الله آكل الربا وموكله الحديث وفيه والمرتد بعد هجرته أعرابيا قال ابن الأثير في النهاية كان من رجع بعد هجرته إلى موضعه من غير عذر يعدونه كالمرتد وقال غيره كان ذلك من جفاء الحجاج حيث خاطب هذا
(٣٤)