(قلت) ويمكن الجمع بين الاخبار بأن المراد قوم يكونون ببيت المقدس وهي شامية ويسقون بالدلو وتكون لهم قوة في جهاد العدو وحدة وجد * (تنبيه) * اتفق الشراح على أن معنى قوله على من خالفهم أن المراد علوهم عليهم بالغلبة وأبعد من أبدع فرد على من جعل ذلك منقبة لأهل الغرب أنه مذمة لان المراد بقوله ظاهرين على الحق أنهم غالبون له وأن الحق بين أيديهم كالميت وأن المراد بالحديث ذم الغرب وأهله لا مدحهم قال النووي فيه ان الاجماع حجة ثم قال يجوز أن تكون الطائفة جماعة متعددة من أنواع المؤمنين ما بين شجاع وبصير بالحرب وفقيه ومحدث ومفسر وقائم بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر وزاهد وعابد ولا يلزم ان يكونوا مجتمعين في بلد واحد بل يجوز اجتماعهم في قطر واحد وافتراقهم في أقطار الأرض ويجوز أن يجتمعوا في البلد الواحد وان يكونوا في بعض منه دون بعض ويجوز اخلاء الأرض كلها من بعضهم أولا فأولا إلى أن لا يبقى الا فرقة واحدة ببلد واحد فإذا انقرضوا جاء أمر الله انتهى ملخصا مع زيادة فيه ونظير ما نبه عليه ما حمل عليه بعض الأئمة حديث أن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها أنه لا يلزم ان يكون في رأس كل مائة سنة واحد فقط بل يكون الامر فيه كما ذكر في الطائفة وهو متجه فان اجتماع الصفات المحتاج إلى تجديدها لا ينحصر في نوع من أنواع الخير ولا يلزم أن جميع خصال الخير كلها في شخص واحد الا ان يدعى ذلك في عمر بن عبد العزيز فأنه كان القائم بالامر على رأس المائة الأولى باتصافه بجميع صفات الخير وتقدمه فيها ومن ثم أطلق أحمد أنهم كانوا يحملون الحديث عليه واما من جاء بعده فالشافعي وإن كان متصفا بالصفات الجميلة الا انه لم يكن القائم بأمر الجهاد والحكم بالعدل فعلى هذا كل من كان متصفا بشئ من ذلك عند رأس المائة هو المراد سواء تعدد أم لا (قوله باب في قول الله تعالى أو يلبسكم شيعا) ذكر فيه حديث جابر في نزول قوله تعالى قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا وقد تقدم شرحه مستوفى في تفسير سورة الأنعام ووجه مناسبته لما قبله ان ظهور بعض الأمة على عدوهم دون بعض يقتضي ان بينهم اختلافا حتى انفردت طائفة منهم بالوصف لان غلبة الطائفة المذكورة إن كانت على الكفار ثبت المدعى وإن كانت على طائفة من هذه الأمة أيضا فهو أظهر في ثبوت الاختلاف فذكر بعده أصل وقوع الاختلاف وانه صلى الله عليه وسلم كان يريد ان لا يقع فأعلمه الله تعالى انه قضى بوقوعه وان كل ما قدره لا سبيل إلى رفعه قال ابن بطال أجاب الله تعالى دعاء نبيه في عدم استئصال أمته بالعذاب ولم يجبه في أن لا يلبسهم شيعا أي فرقا مختلفين وان لا يذيق بعضهم بأس بعض أي بالحرب والقتل بسبب ذلك وإن كان ذلك من عذاب الله لكن أخف من الاستئصال وفيه للمؤمنين كفارة (قوله باب من شبه أصلا معلوما بأصل مبين وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم حكمهما ليفهم السائل) في رواية الكشميهني والإسماعيلي والجرجاني قد بين الله بحذف الواو وبحذف النبي والأول أولى وحذف الواو يوافق ترجمة المصنف الماضية قال مما علمه الله ليس برأي ولا تمثيل أي أن الذي ورد عنه من التمثيل انما هو تشبيه أصل بأصل والمشبه أخفى عند السائل من المشبه به وفائدة التشبيه التقريب لفهم السائل وأورده النسائي بلفظ من شبه أصلا معلوما بأصل مبهم قد بين الله حكمهما ليفهم السائل وهذا أوضح في المراد ذكر فيه حديث أبي هريرة في قصة الذي قال إن امرأتي ولدت غلاما
(٢٥١)