أحيا هو من خلق وقال الكرماني أسند الخلق إليهم صريحا وهو خلاف الترجمة لكن المراد كسبهم فأطلق لفظ الخلق عليهم استهزاء أو ضمن خلقتم معنى صورتم تشبيها بالخلق أو أطلق بناء على زعمهم فيه (قلت) والذي يظهر ان مناسبة ذكر حديث المصورين لترجمة هذا الباب من جهة ان من زعم أنه يخلق فعل نفسه لو صحت دعواه لما وقع الانكار على هؤلاء المصورين فلما كان أمرهم بنفخ الروح فيما صوروه أمر تعجيز ونسبة الخلق إليهم انما هي على سبيل التهكم والاستهزاء دل على فساد قول من نسب خلق فعله إليه استقلالا والعلم عند الله تعالى ثم قال الكرماني هذه الأحاديث تدل على أن العمل منسوب إلى العبد لان معنى الكسب اعتبار الجهتين فيستفاد المطلوب منها ولعل غرض البخاري في تكثير هذا النوع في الباب وغيره بيان جواز ما نقل عنه أنه قال لفظي بالقرآن مخلوق ان صح عنه (قلت) قد صح عنه انه تبرأ من هذا الاطلاق فقال كل من نقل عني اني قلت لفظي بالقرآن مخلوق فقد كذب علي وانما قلت أفعال العباد مخلوقة أخرج ذلك غنجار في ترجمة البخاري من تاريخ بخارا بسند صحيح إلى محمد بن نصر المروزي الامام المشهور انه سمع البخاري يقول ذلك ومن طريق أبي عمر وأحمد بن نصر النيسابوري الخفاف انه سمع البخاري يقول ذلك (قوله باب قراءة الفاجر والمنافق وتلاوتهم لا تجاوز حناجرهم) قال الكرماني المراد بالفاجر المنافق بقرينة جعله قسيما للمؤمن في الحديث يعني الأول ومقابلا له فعطف المنافق عليه في الترجمة من باب العطف التفسيري قال وقوله وتلاوتهم مبتدأ وخبره لا يجاوز حناجرهم وانما جمع الضمير لأنه حكاية عن لفظ الحديث قال وزيد في بعضها وأصواتهم (1) (قلت) هي ثابتة في جميع ما وقفنا عليه من نسخ البخاري ووقع في رواية أبي ذر قراءة الفاجر أو المنافق بالشك وهو يؤيد تأويل الكرماني ويحتمل ان يكون للتنويع والفاجر أعم من المنافق فيكون من عطف الخاص على العام وذكر فيه ثلاثة أحاديث * الحديث الأول حديث أبي موسى وهو الأشعري مثل المؤمن وقد تقدم شرحه في فضائل القرآن والسند كله بصريون ومطابقته للترجمة ظاهرة ومناسبتها لما قبلها من الأبواب ان التلاوة متفاوتة بتفاوت التالي فيدل على انها من عمله وقال ابن بطال معنى هذا الباب ان قراءة الفاجر والمنافق لا ترتفع إلى الله ولا تزكو عنده وانما يزكو عنده ما أريد به وجهه وكان عن نية التقرب إليه وشبهه بالريحانة حين لم ينتفع ببركة القرآن ولم يفز بحلاوة أجره فلم يجاوز الطيب موضع الصوت وهو الحلق ولا اتصل بالقلب وهؤلاء هم الذين يمرقون من الدين * الحديث الثاني (قوله علي) هو ابن عبد الله بن المديني وهشام هو ابن يوسف الصنعاني ويونس في السند الثاني هو ابن يزيد وابن شهاب فيه هو الزهري المذكور في الأول وقد تقدمت طريق علي بن عبد الله المديني في أواخر كتاب الطب في باب الكهانة ونسبه فيها ونسب شيخه كما ذكرت وساق المتن على لفظه هناك ووقع عنده أخبرني يحيى بن عروة بن الزبير انه سمع عروة بن الزبير (قوله سأل أناس) في رواية معمر ناس وهما بمعنى وقوله هنا يحدثون بالشئ يكون حقا في رواية معمر انهم يحدثوننا أحيانا بشئ فيكون حقا (قوله يخطفها) في رواية الكشميهني يحفظها بحاء مهملة وظاء مشالة والفاء قبلها من الحفظ (قوله فيقرقرها) في رواية معمر فيقرها بتشديد الراء (قوله كقرقرة الدجاجة) في رواية المستملي الزجاجة بضم الزاي وتقدم شرحه مستوفى في الباب المذكور ومناسبته للترجمة تعرض له ابن بطال ولخصه الكرماني فقال
(٤٤٧)