ليس فسخا للعقد الأول خلافا لمن زعم ذلك من الشافعية (قلت) الصحيح عندهم انه لا يكون فسخا كما قال الجمهور (قوله باب بيعة الاعراب) أي مبايعتهم على الاسلام والجهاد (قوله أن أعرابيا) تقدم التنبيه على اسمه في فضل المدينة أواخر الحج (قوله على الاسلام) ظاهر في أن طلبه الإقالة كان فيما يتعلق بنفس الاسلام ويحتمل ان يكون في شئ من عوارضه كالهجرة وكانت في ذلك الوقت واجبه ووقع الوعيد على من رجع أعرابيا بعد هجرته كما تقدم التنبيه عليه قريبا والوعك بفتح الواو وسكون المهملة وقد تفتح بعدها كاف الحمى وقيل ألمها وقيل ارعادها وقال الأصمعي أصله شدة الحر فأطلق على حر الحمى وشدتها (قوله أقلني بيعتي فأبى) تقدم في فضل المدينة من رواية الثوري عن ابن المنكدر أنه أعاد ذلك ثلاثا وكذا سيأتي بعد باب (قوله فخرج) أي من المدينة راجعا إلى البدو (قوله المدينة كالكير الخ) ذكر عبد الغني بن سعيد في كتاب الأسباب له عند ذكر حديث المدينة تنفي الخبث كما تنفي النار خبث الحديد أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله في هذه القصة وفيه نظر والأشبه انه قاله في قصة الذين رجعوا عن القتال معه يوم أحد كما تقدم بيان ذلك في غزوة أحد من كتاب المغازي (قوله تنفى) بفتح أوله (خبثها) بمعجمة وموحدة مفتوحتين (قوله وتنصع) تقدم ضبطه في فضل المدينة وبيان الاختلاف فيه قال ابن التين انما امتنع النبي صلى الله عليه وسلم من اقالته لأنه لا يعين على معصية لان البيعة في أول الأمر كانت على أن لا يخرج من المدينة الا بإذن فخروجه عصيان قال وكانت الهجرة إلى المدينة فرضا قبل فتح مكة على كل من أسلم ومن لم يهاجر لم يكن بينه وبين المؤمنين موالاة لقوله تعالى والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شئ حتى يهاجروا فلما فتحت مكة قال صلى الله عليه وسلم لا هجرة بعد الفتح ففي هذا اشعار بان مبايعة الأعرابي المذكور كانت قبل الفتح وقال ابن المنير ظاهر الحديث ذم من خرج من المدينة وهو مشكل فقد خرج منها جمع كثير من الصحابة وسكنوا غيرها من البلاد وكذا من بعدهم من الفضلاء والجواب ان المذموم من خرج عنها كراهة فيها ورغبة عنها كما فعل الأعرابي المذكور وأما المشار إليهم فإنما خرجوا لمقاصد صحيحه كنشر العلم وفتح بلاد الشرك والمرابطة في الثغور وجهاد الأعداء وهم مع ذلك على اعتقاد فضل المدينة وفضل سكناها وسيأتي شئ من هذا في كتاب الاعتصام إن شاء الله تعالى (قوله باب بيعة الصغير) أي هل تشرع أو لا قال ابن المنير الترجمة موهمة والحديث يزيل ايهامها فهو دال على عدم انعقاد بيعة الصغير ذكر فيه حديث عبد الله بن هشام التيمي وهو طرف من حديث تقدم بكماله في كتاب الشركة من رواية عبد الله بن وهب عن سعيد بن أبي أيوب وفيه فقالت يا رسول الله بايعه فقال هو صغير فمسح رأسه ودعا له (قوله وكان يضحي بالشاة الواحدة عن جميع أهله) هو عبد الله بن هشام المذكور وهذا الأثر الموقوف صحيح بالسند المذكور إلى عبد الله وقد تقدم الحكم المذكور في باب الأضحية عن المسافر والنساء والنقل عمن قال لا تجزئ أضحية الرجل عن نفسه وعن أهل بيته وانما ذكره البخاري مع أن من عادته انه يحذف الموقوفات غالبا لان المتن قصير وفيه إشارة إلى أن عبد الله بن هشام عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم زمانا ببركة دعائه له وقد تقدم ما يتعلق به من ذلك في كتاب الدعوات (قوله باب من بايع ثم استقال البيعة) ذكر فيه حديث جابر في قصة الأعرابي وقد تقدم شرحه قبل بباب (قوله باب من بايع رجلا
(١٧٣)