للبدلية أي ما أحب ان لي بدل كلمته النعم الحمر لان الصفة المذكورة تدل على قوة ايمانه المفضي به لدخول الجنة وثواب الآخرة خير وأبقى وفيه استئلاف من يخشى جزعه أو يرجى بسبب اعطائه طاعة من يتبعه والاعتذار إلى من ظن ظنا والامر بخلافه (قوله باب ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وروايته عن ربه) يحتمل أن تكون الجملة الأولى محذوفة المفعول والتقدير ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل ويحتمل أن يكون ضمن الذكر معنى التحديث فعداه بعن فيكون قوله عن ربه متعلق بالذكر والرواية معا وقد ترجم هذا في كتاب خلق أفعال العباد بلفظ ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر ويروي عن ربه وهو أوضح وقد قال ابن بطال معنى هذا الباب ان النبي صلى الله عليه وسلم روى عن ربه السنة كما روى عنه القرآن انتهى والذي يظهر ان مراده تصحيح ما ذهب إليه كما تقدم التنبيه عليه في تفسير المراد بكلام الله سبحانه وتعالى وذكر فيه خمسة أحاديث * الحديث الأول (قوله حدثني محمد بن عبد الرحيم) هو أبو يحيى البغدادي الملقب صاعقة وأبو زيد من شيوخ البخاري قد حدث عنه بلا واسطة في باب إذا رأى المحرمون صيدا في أواخر كتاب الحج وكذا في غزوة الحديبية (قوله عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم) هذه رواية قتادة وخالفه سليمان التيمي كما في الحديث الثاني فقال عن أنس عن أبي هريرة فالأول مرسل صحابي (قوله يرويه عن ربه عز وجل) في رواية الإسماعيلي من طريق محمد ابن جعفر ومن طريق حجاج بن محمد كلاهما عن شعبة سمعت قتادة يحدث عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال ربكم وفي رواية أبي داود الطيالسي عن شعبة ومن طريقه أخرجه أبو نعيم يقول الله قال الإسماعيلي قوله قال ربكم وقوله يرويه عن ربكم سواء أي في المعنى (قوله إذا تقرب العبد إلي شبرا) في رواية الإسماعيلي مني وفي رواية الطيالسي ان تقرب مني عبدي والأصل هنا الاتيان بمن لكن يفيد استعمال إلى بمعنى الانتهاء فهو أبلغ (قوله تقربت إليه ذراعا وإذا تقرب إلي) في رواية الكشميهني مني وكذا للإسماعيلي والطيالسي (قوله ذراعا تقربت منه باعا وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة) لم يقع وإذا أتاني الخ في رواية الطيالسي قال ابن بطال وصف سبحانه نفسه بأنه يتقرب إلى عبده ووصف العبد بالتقرب إليه ووصفه بالاتيان والهرولة كل ذلك يحتمل الحقيقة والمجاز فحملها على الحقيقة يقتضي قطع المسافات وتداني الأجسام وذلك في حقه تعالى محال فلما استحالت الحقيقة تعين المجاز لشهرته في كلام العرب فيكون وصف العبد بالتقرب إليه شبرا وذراعا واتيانه ومشيه معناه التقرب إليه بطاعته وأداء مفترضاته ونوافله ويكون تقربه سبحانه من عبده واتيانه والمشي عبارة عن إثابته على طاعته وتقربه من رحمته ويكون قوله أتيته هرولة أي أتاه ثوابي مسرعا ونقل عن الطبري انه انما مثل القليل من الطاعة بالشبر منه والضعف من الكرامة والثواب بالذراع فجعل ذلك دليلا على مبلغ كرامته لمن أدمن على طاعته ان ثواب عمله له على عمله الضعف وان الكرامة مجاوزة حده إلى ما يثيبه الله تعالى وقال ابن التين القرب هنا نظير ما تقدم في قوله تعالى فكان قاب قوسين أو أدنى فان المراد به قرب الرتبة وتوفير الكرامة والهرولة كناية عن سرعة الرحمة إليه ورضى الله عن العبد وتضعيف الاجر قال والهرولة ضرب من المشي السريع وهي دون العدو وقال صاحب المشارق المراد بما جاء في هذا الحديث سرعة قبول توبة الله للعبد أو تيسير طاعته وتقويته
(٤٢٧)