وهو قول خرج بغير روية من قائله ولا تدبر فإن منزلة أبي موسى عند عمر مشهورة وقال ابن العربي اختلف في طلب عمر من أبي موسى البينة على عشرة أقوال فذكرها وغالبها متداخل ولا تزيد على ما قدمته واستدل بالخبر المرفوع على أنه لا تجوز الزيادة في الاستئذان على الثلاث قال ابن عبد البر فذهب أكثر أهل العلم إلى ذلك وقال بعضهم إذا لم يسمع فلا بأس أن يزيد وروى سحنون عن ابن وهب عن مالك لا أحب أن يزيد على الثلاث إلا من علم أنه لم يسمع (قلت) وهذا هو الأصح عند الشافعية قال ابن عبد البر وقيل تجوز الزيادة مطلقا بناء على أن الامر بالرجوع بعد الثلاث للإباحة والتخفيف عن المستأذن فمن استأذن أكثر فلا حرج عليه قال والاستئذان أن يقول السلام عليكم أأدخل كذا قال ولا يتعين هذا اللفظ وحكى ابن العربي إن كان بلفظ الاستئذان لا يعيد وإن كان بلفظ آخر أعاد قال والأصح لا يعيد وقد تقدم ما حكاه المازري في ذلك وأخرج البخاري في الأدب المفرد عن أبي العلانية قال أتيت أبا سعيد فسلمت فلم يؤذن لي ثم سلمت فلم يؤذن لي فتنحيت ناحية فخرج على غلام فقال أدخل فدخلت فقال لي أبو سعيد أما إنك لو زدت يعني على الثلاث لم يؤذن لك واختلف في حكمة الثلاث فروى ابن أبي شيبة من قول علي بن أبي طالب الأولى إعلام والثانية مؤامرة والثالثة عزمة إما أن يؤذن له وإما أن يرد (قلت) ويؤخذ من صنيع أبي موسى حيث ذكر اسمه أولا وكنيته ثانيا ونسبته ثالثا أن الأولى هي الأصل والثانية إذا جوز أن يكون التبس على من استأذن عليه والثالثة إذا غلب على ظنه أنه عرفه قال ابن عبد البر وذهب بعضهم إلى أن أصل الثلاث في الاستئذان قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات قال وهذا غير معروف في تفسيرها وإنما أطبق الجمهور على أن المراد بالمرات الثلاث الأوقات (قلت) وأخرج ابن أبي حاتم من طريق مقاتل بن حبان قال بلغنا أن رجلا من الأنصار وامرأته أسماء بنت مرثد صنعا طعاما فجعل الناس يدخلون بغير اذن فقالت أسماء يا رسول الله ما أقبح هذا إنه ليدخل على المرأة وزوجها غلامهما وهما في ثوب واحد بغير اذن فنزلت وأخرج أبو داود وابن أبي حاتم بسند قوي من حديث ابن عباس أنه سئل عن الاستئذان في العورات الثلاث فقال إن الله ستير يحب الستر وكان الناس ليس لهم ستور على أبوابهم فربما فاجأ الرجل خادمه أو ولده وهو على أهله فأمروا أن يستأذنوا في العورات الثلاث ثم بسط الله الرزق فاتخذوا الستور والحجال فرأى الناس أن ذلك قد كفاهم الله مما أمروا به ومن وجه آخر صحيح عن ابن عباس لم يعمل بها أكثر الناس وأني لآمر جاريتي أن تستأذن على وفي الحديث أيضا أن لصاحب المنزل إذا سمع الاستئذان أن لا يأذن سواء سلم مرة أم مرتين أم ثلاثا إذا كان في شغل له ديني أو دنيوي يتعذر بترك الاذن معه للمستأذن وفيه أن العالم المتبحر قد يخفى عليه من العلم ما يعلمه من هو دونه ولا يقدح ذلك في وصفه بالعلم والتبحر فيه قال ابن بطال وإذا جاز ذلك على عمر فما ظنك بمن هو دونه وفيه أن لمن تحقق براءة الشخص مما يخشى منه وأنه لا يناله بسبب ذلك مكروه أن يمازحه ولو كان قبل اعلامه بما يطمئن به خاطره مما هو فيه لكن بشرط أن لا يطول الفصل لئلا يكون سببا في إدامة تأذي المسلمين بالهم الذي وقع له كما وقع للأنصار مع أبي موسى وأما إنكار أبي سعيد عليهم فإنه اختار الأولى وهو المبادرة إلى إزالة ما وقع فيه قبل التشاغل بالممازحة (قوله باب
(٢٦)