مخصوص وعدلوا عن القياس لامكان الوقوف على النص ولا سيما في ألفاظ الاذكار فإنها تجئ خارجة عن القياس غالبا فوقع الامر كما فهموا فإنه لم يقل لهم قولوا الصلاة عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ولا قولوا الصلاة والسلام عليك الخ بل علمهم صيغة أخرى (قوله قال قولوا اللهم) هذه كلمة كثر استعمالها في الدعاء وهو بمعنى يا الله والميم عوض عن حرف النداء فلا يقال اللهم غفور رحيم مثلا وانما يقال اللهم اغفر لي وارحمني ولا يدخلها حرف النداء الا في نادر كقول الراجز اني إذا ما حادث ألما * أقول أيا للهما يا اللهما واختص هذا الاسم بقطع الهمزة عند النداء ووجوب تفخيم لامه وبدخول حرف النداء عليه مع التعريف وذهب الفراء ومن تبعه من الكوفيين إلى أن أصله يا الله وحذف حرف النداء تخفيفا والميم مأخوذة من جملة محذوفة مثل أمنا بخير وقيل بل زائدة كما في زرقم للشديد الزرقة وزيدت في الاسم العظيم تفخيما وقيل بل هو كالواو الدالة على الجمع كأن الداعي قال يا من اجتمعت له الأسماء الحسنى ولذلك شددت الميم لتكون عوضا عن علامة الجمع وقد جاء عن الحسن البصري اللهم مجتمع الدعاء وعن النضر بن شميل من قال اللهم فقد سأل الله بجميع أسمائه (قوله صل) تقدم في أواخر تفسير الأحزاب عن أبي العالية أن معنى صلاة الله على نبيه ثناؤه عليه عند ملائكته ومعنى صلاة الملائكة عليه الدعاء له وعند ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حبان قال صلاة الله مغفرته وصلاة الملائكة الاستغفار وعن ابن عباس أن معنى صلاة الرب الرحمة وصلاة الملائكة الاستغفار وقال الضحاك بن مزاحم صلاة الله رحمته وفي رواية عنه مغفرته وصلاة الملائكة الدعاء أخرجهما إسماعيل القاضي عنه وكأنه يريد الدعاء بالمغفرة ونحوها وقال المبرد الصلاة من الله الرحمة من الملائكة رقة تبعث على استدعاء الرحمة وتعقب بأن الله غاير بين الصلاة والرحمة في قوله أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وكذلك فهم الصحابة المغايرة من قوله تعالى صلوا عليه وسلموا حتى سألوا عن كيفية الصلاة مع تقدم ذكر الرحمة في تعليم السلام حيث جاء بلفظ السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته وأقرهم النبي صلى الله عليه وسلم فلو كانت الصلاة بمعنى الرحمة لقال لهم قد علمتم ذلك في السلام وجوز الحليمي أن تكون الصلاة بمعنى السلام عليه وفيه نظر وحديث الباب يرد على ذلك وأولى الأقوال ما تقدم عن أبي العالية أن معنى صلاة الله على نبيه ثناؤه عليه وتعظيمه وصلاة الملائكة وغيرهم عليه طلب ذلك له من الله تعالى والمراد طلب الزيادة لا طلب أصل الصلاة وقيل صلاة الله على خلقه تكون خاصة وتكون عامة فصلاته على أنبيائه هي ما تقدم من الثناء والتعظيم وصلاته على غيرهم الرحمة فهي التي وسعت كل شئ ونقل عياض عن بكر القشيري قال الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من الله تشريف وزيادة تكرمة وعلى من دون النبي رحمة وبهذا التقرير يظهر الفرق بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين سائر المؤمنين حيث قال الله تعالى ان الله وملائكته يصلون على النبي وقال قبل ذلك في السورة المذكورة هو الذي يصلي عليكم وملائكته ومن المعلوم أن القدر اي يليق بالنبي صلى الله عليه وسلم من ذلك أرفع مما يليق بغيره والاجماع منعقد على أن في هذه الآية من تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم والتنويه به ما ليس في غيرها وقال الحليمي في الشعب معنى الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تعظيمه فمعنى قولنا اللهم صل على محمد عظم محمدا والمراد تعظيمه في الدنيا باعلاء ذكره وإظهار دينه وابقاء شريعته
(١٣١)