فآتوهن أجورهن فريضة) إنما أراد به نكاح الدوام، وأشار بالاستمتاع إلى الالتذاذ دون نكاح المتعة الذي تذهب إليه.
فقلت له: ان الاستمتاع وإن كان في الأصل هو الالتذاذ، فإنه إذا علق بذكر النكاح، وأطلق بغير تقييد لم يرد به إلا نكاح المتعة خاصة لكونه علما عليها في الشريعة وتعارف أهلها، ألا ترى أنه لو قال قائل: نكحت أمس امرأة متعة، أو هذه المرأة نكاحي لها أو عقدي عليها للمتعة، أو أن فلانا يستحل نكاح المتعة، لما فهم من قوله إلا النكاح الذي يذهب إليه الشيعة خاصة، وإن كانت المتعة قد تكون بوطء الإماء والحرائر على الدوام، كما أن بوطء في اللغة هو وطئ القدم ومماسة باطنه للشئ على سبيل الاعتماد، ولو قال قائل: وطئت جاريتي ومن وطئ امرأة غيره فهو زان، وفلان يطئ امرأته وهي حائض، لم يعقل من ذلك مطلقا على أصل الشريعة إلا النكاح دون وطء القدم، وكذلك الغائط هو الشئ المحوط، وقيل: هو الشئ المنهبط. ولو قال قائل: هل يجوز أن آتى الغائط ثم لا أتوضأ واصلي؟ أو قال: فلان أتى الغائط ولم يستبرئ، لم يفهم من قوله إلا الحدث الذي يجب منه الوضوء وأشباه ذلك مما قد قرر في الشريعة.
وإذا كان الامر على ما وصفناه فقد ثبت أن إطلاق لفظ نكاح المتعة لا يقع إلا على النكاح الذي ذكرناه، وإن كان الاستمتاع في أصل اللغة هو الالتذاذ كما قدمناه.
فاعترض القاضي أبو محمد بن معروف فقال: هذا الاستدلال يوجب عليك أن لا يكون الله تعالى أحل بهذه الآية غير نكاح المتعة، لأنها لا تتضمن سواه، وفي الاجماع على انتظامها تحليل نكاح الدوام دليل على بطلان ما اعتمدته.
فقلت له: ليس يدخل هذا الكلام على أصل الاستدلال، ولا يتضمن