والايمان مع الظهور، لأنك تقول: إنه لا يجب على الله تعالى فعل اللطف الذي يعلم أن العبد إن فعل الطاعة مع عدمه كانت أشرف منها إذا فعلها معه، فكذلك يمنع الامام من الظهور إذا علم أن الطاعة للامام تكون عند غيبته أشرف منها عند ظهوره، وليس يكفر القوم به في كلا الحالين، وهذا بين لا إشكال فيه، فلما ورد عليه الجواب سكت هنيئة، ثم قال:
هذا لعمري جواب يستمر على الأصول التي ذكرتها، والحق أولى ما استعمل.
فقلت له: انا أجيبك بعد هذا الجواب بجواب آخر أظنه مما قد سمعته، لانظر كلامك عليه. فقال: هات ذلك، فإني أحب أن أستوفي ما في هذه المسألة.
فقلت له: إن قلت: إن الامام في تقية مني، وفي تقية ممن خالفني، ما يكون كلامك عليه؟
قال: أفتطلق أنه في تقية منك، كما هو في تقية ممن خالفك؟ قلت: لا.
قال: فما الفرق بين القولين؟
قلت: الفرق بينهما، أنني إذا قلت: إنه في تقية مني، كما هو في تقية ممن خالفني أوهمت أن خوفه مني على حد خوفه من عدوه، وأن الذي يحذره مني هو الذي يحذره منه، أو مثله في القبح، فإذا قلت: إنه يتقي مني وممن خالفني، ارتفع هذا الابهام.
قال: فمن أي وجه اتقى منك؟ ومن أي وجه اتقى من عدوه؟ فصل لي الامرين، حتى أعرفهما.
فقلت له: تقيته من عدوه هي: لأجل خوفه من ظلمه له، وقصده الاضرار به، وحذره من سعيه على دمه، وتقيته مني: لأجل خوفه من إذا عتي على سبيل السهو، أو للتجمل والتشرف بمعرفته بالمشاهدة، أو على التقية مني بمن أوعزه إليه