تذهب إليه، وإن قلت: إنهم ليسوا بكفار، وهم يعتقدون التشيع ظاهرا وباطنا فهم مثلك، وهذا مبطل لما قدمت.
فقلت له: لست أقول: إن جميع المقلدة كفار، لان فيهم جماعة لم يكلفوا المعرفة ولا النظر في الأدلة، لنقصان عقولهم عن الحد الذي به يجب تكليف ذلك، وإن كانوا مكلفين عندي للقول والعمل، وهذا مذهبي في جماعة من أهل السواد والنواحي الغامضة والبوادي والاعراب والعجم والعامة، فهؤلاء إذا قالوا وعملوا كان ثوابهم على ذلك كعوض الأطفال والبهائم والمجانين، وكان ما يقع منهم من عصيان يستحقون عليه العقاب في الدنيا، وفي يوم المآب طول زمان الحساب، أو في النار أحقابا، ثم يخرجون إلى محل الثواب. وجماعة من المقلدة عندي كفار، لان فيهم من القوة على الاستدلال ما يصلون به إلى المعارف، فإذا انصرفوا عن النظر في طرقها، فقد استحقوا الخلود في النار.
فأما قولك: إنه ليس في الدنيا أحد من الشيعة ينظر حق النظر إلا عشرون نفسا أو نحوهم، فإنه لو كنت صادقا في هذا المقال ما منع أن يكون جمهور الشيعة عارفين، لان طرق المعرفة قريبة يصل إليها كل من استعمل عقله، وإن لم يكن يتمكن من العبارة عن ذلك، ويسهل عليه الجدل، ويكون من أهل التحقيق في النظر، وليس عدم الحذق في الجدل، وإحاطة العلم بحدوده، والمعرفة بغوامض الكلام ودقيقه، ولطيف القول في المسألة دليلا على الجهل بالله عز وجل.
فقال: ليس أرى أن أصل معك الكلام في هذا الباب الان، لان الغرض هو القول في الغيبة، ولكن لما تعلق بمذهب غريب أحببت أن أقف عليه، وأنا أعود إلى مسألتي الأولى، وأكلمك في هذا المذهب بعد هذا يوما آخر. أخبرني الاذان إذا لم يكن الامام في تقية منك، فما باله لا يظهر لك فيعرفك نفسه بالمشاهدة، ويريك معجزة، ويبين لك كثيرا من المشكلات، ويؤنسك بقربه،