أخذوا علومهم واحدا عن واحد وكابرا عن كابر وآخرا عن أول إلى جدهم، فكانت فروعهم أوثق الفروع وشريعتهم أحسن الشرايع ودينهم أتم الأديان، فإن غيرهم أخذوا بالقياس والاستحسان والرأي وأسندوا رواياتهم عن الفسقة والمعتدين (1) الكذب، فافترقوا أربع فرق.
كل فرقة تطعن الأخرى وتتبرأ منها ويكفر بعضهم بعضا ويحللون ويحرمون عمن هو جائز الخطأ والمعاصي والكبائر، وانقطعت عنهم مواد الاخذ عن النبي صلى الله عليه وآله لأنهم رفضوا اتباع أهل البيت ووضعوا على مقتضى آرائهم وزادوا فيه ونقصوا وحرفوا وغيروا وبدلوا، فأحلوا ما حرم الله وحرموا ما أحل الله لأنهم لم يأخذوا الحلال والحرام عمن لا يجوز كذبه وخطأه كالامامية، وكانت حينئذ حلالهم وحرامهم وفرائضهم وأحكامهم معرضة للخطأ والكذب، لأنها ليست عن الله ولا عن رسوله.
يعرف ذلك من اطلع على أحوالهم ورواياتهم، فإنا نجد في فتاويهم الأشياء المنكرة التي تخالف العقول والمنقول، ومن له أدنى إنصاف واطلاع على أحوال المذاهب يعرف ذلك ويتحققه ومصنفات الفريقين تدل على صحة ذلك.
وإذا نظر العاقل المنصف في المقالتين ولمح المذهبين عرف موقع مذهب الإمامية في الاسلام وأنهم أولى بالاتباع وأحق بالاقتداء، لأنهم الفرقة الناجية بنص الرسول عليه السلام، فقد روى أبو بكر محمد بن مؤمن الشيرازي في كتابه المستخرج من التفاسير الاثني عشر في إتمام الحديث المتقدم بعده: قال علي: يا رسول الله من الفرقة الناجية؟ فقال: المتمسكون بما أنت عليه وأصحابك. وفي الأحاديث المذكورة آنفا ما يدل على أن المتبعين لأهل البيت والمقدمين لهم والمقتدين بهم هم الفرقة الناجية، وحث الرسول على الاقتداء بهم