لما كان لا يقبل من أحد عن عباده الاقرار بر بوبيته حتى ينفي ما سواه من المعبودين ويخلص العبودية إليه بأحسن التبيين كما ينطق بذلك كلمة توحيد الذات الجامعة بين النفي والاثبات وكذلك كما لا يقبل الاقرار بالنبوة حتى ينفيها عن جميع المدعين بالباطل والمتنبين بلا دليل فاصل مثل مسيلمة الكذاب والأسود العنسي وسجاح الملعونة وأمثالهم المدعين للرسالة في زمان رسول الله صلى الله عليه وآله، فكذلك لا يقبل القول بامامة علي أمير المؤمنين عليه السلام وخلافته المسلمة عند جميع المسلمين إلا بعد نفي ذلك عن سائر من ادعاه في زمانه وعجز عن إقامة دليله وبرهانه وبقي على عتوه وعداوته.
فلما التفت الملك إلى مضمون هذا الخطاب أخذ في تحسين ما لفقه (1) من الجواب، زائد على حد الحساب، ثم توجه بجميل نظره إلى ذلك الجناب وقال:
أريد أن تزيد لنا في البيان وتبين لنا حقيقة أحوال المتصرفين في الخلافة والإمامة على سبيل الظلم والعدوان.
فقال الصدوق - رحمه الله -: نعم أيها الأمير إن حق القول في ذلك: أن إجماع الأمة منعقد على قبول قصة سورة البراءة، وهي كافية في إثبات خروج المتغلب الأول عن دائرة الاسلام، وأنه ليس من الله ورسوله في شئ، وأن إمامة علي بن أبي طالب عليه السلام منزلته (2) من جانب السماء قال: فأنبئني عن تفصيل هذه القصة رحمك الله.
فقال: الشيخ: إن نقلة الآثار من المخالف والمؤالف متفقون على أنه لما نزلت سورة براءة دعا رسول الله صلى الله عليه وآله باابكر وقال له: خذ هذه السورة واخرج إلى جهة مكة وأقرأها عني على أهل الموسم، فلما خرج وقطع