98 وإتيان رأسه إلى سليمان بن عبد الملك فقال:
وأقبل هؤلاء حتى قدموا على سليمان، وموسى بن نصير لا يشعر بقتل عبد العزيز ابنه، فلما دخلوا على سليمان، ووضع الرأس بين يديه، فبعث إلى موسى فأتاه، فلما جلس وراء القوم، قال له سليمان: أتعرف هذا الرأس يا موسى؟ فقال: نعم هذا رأس عبد العزيز موسى، فقام الوفد فتكلموا بما تكلموا به.
ثم إن موسى قام فحمد الله، ثم قال: وهذا رأس عبد العزيز بين يدك يا أمير المؤمنين، فرحمة الله تعالى عليه، فلعمر الله ما علمته نهاره إلا صواما وليله إلا قواما، شديد الحب لله ولرسوله، بعيد الأثر في سبيله، حسن الطاعة لأمير المؤمنين، شديد الحب الرأفة بمن وليه من المسلمين، فإن يك عبد العزيز قضى نحبه فغفر الله له ذنبه، فوالله ما كان بالحياة شحيحا، ولا من الموت هائبا، وليعز على عبد الملك وعبد العزيز والوليد أن يصرعوه هذا المصرع، ويفعلوا به ما أراك تفعل، ولهو كان أعظم رغبة فيه، وأعلم بنصيحة أبيه، أن يسمعوا فيه كاذبات الأقاويل، ويفعلوا به هذه الأفاعيل.
فرد سليمان عليه قال: بل ابنك المارق من الدين، والشاق عصى المسلمين، المنابذ لأمير المؤمنين، فمهلا أيها الشيخ الخرف.
فقال موسى: والله، ما بي من خرف، ولا أنا من الحق بذي جنف، ولن ترد محاورة الكلام مواضع الحمام، وأنا أقول كما قال العبد الصالح: (فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون).
قال: ثم قال موسى: أفتأذن في رأسه يا أمير المؤمنين، واغرو رقت عيناه.
فقال له سليمان: نعم فخذه... (1).