(729) موسى بن نصير وسليمان بن عبد الملك قال: وذكروا أن سليمان قال لموسى: ما الذي كنت تفزع إليه في مكان حربك من أمور عدوك؟ قال: التوكل والدعاء إلى الله يا أمير المؤمنين. قال له سليمان: هل كنت تمتنع في الحصون والخنادق، أو كنت تخندق حولك؟
قال: كل هذا لم أفعله، قال: فما كنت تفعل؟ قال: كنت أنزل السهل، واستشعر الخوف والصبر، وأتحصن بالسيف والمغفر، وأستعين بالله، وأرغب إليه في النصر، قال له سليمان: فمن كان من العرب فرسانك؟ قال: حمير، قال:
فأي الخيل رأيت في تلك البلاد أصبر؟ قال: شقرها، قال: فأي الأمم كانوا أشد قتالا؟ قال: إنهم يا أمير المؤمنين أكثر مما أصفهم، قال له: أخبرني عن الروم. قال: اسود في حصونهم، عقبان على خيولهم، نساء في مواكبهم، إن رأوا فرصة افترصوها، وإن خافوا غلبة فأوعال ترقل في أجبال، لا يرون عارا في هزيمة تكون لهم منجاة. قال: فأخبرني عن البربر، قال: هم يا أمير المؤمنين أشبه العجم بالعرب لقاء ونجدة، وصبرا وفروسية، وسماحة وبادية، غير أنهم يا أمير المؤمنين غدر. قال: فأخبرني عن الاشبان، قال: ملوك مترفون، وفرسان لايجبنون. قال: فأخبرني عن الإفرنج، قال: هناك يا أمير المؤمنين العدد والعدة، والجلد والشدة، وبين ذلك أمم كثيرة، ومنهم العزيز، ومنهم الذليل، وكلا قد لقيت بشكله، فمنهم الصالح، ومنهم المحارب المقهور، والعزيز البذوخ.
قال: بأخبرني كيف كانت الحرب بينك وبينهم أكانت عقبا؟ قال: لا يا أمير المؤمنين، ما هزمت لي راية قط، ولا فض لي جمع، ولانكب المسلمون معي نكبة، منذ اقتحمت الأربعين إلى أن شارفت الثمانين. قال: فضحك سليمان، وقال: فأين الراية التي حملتها يوم مرج راهط مع الضحاك؟ قال:
تلك يا أمير المؤمنين زبيرية، وإنما عنيت المروانية، فقال: صدقت، وأعجبه