بإحضارهما، وهل كان عمر يرى أن رسول الله يأمر بالشئ الذي يكون تركه أولى؟.
وأغرب من هذا قولهم: وربما خشي أن يكتب النبي أمورا يعجز عنها الناس فيستحقون العقوبة بتركها، وكيف يخشى من ذلك مع قول النبي: لا تضلوا بعده، أتراهم يرون عمر أعرف منه بالعواقب، وأحوط منه وأشفق على أمته؟
كلا.
وقالوا: لعل عمر خاف من المنافقين أن يقدحوا في صحة ذلك الكتاب، لكونه في حال المرض فيصير سببا للفتنة، وأنت - نصر الله بك الحق - تعلم أن هذا محال مع وجود قوله صلى الله عليه وآله وسلم: لا تضلوا، لأنه نص بأن ذلك الكتاب سبب للأمن عليهم من الضلال، فكيف يمكن أن يكون سببا للفتنة بقدح المنافقين؟ وإذا كان خائفا من المنافقين أن يقدحوا في صحة ذلك الكتاب، فلماذا بذر لهم بذرة القدح حيث عارض ومانع، وقال هجر.
وأما قولهم في تفسير قوله: حسبنا كتاب الله أنه تعالى قال: * (ما فرطنا في الكتاب من شئ) * وقال عز من قائل: * (اليوم أكملت لكم دينكم) * فغير صحيح، لأن الآيتين لا تفيدان الأمن من الضلال، ولا تضمنان الهداية للناس، فكيف يجوز ترك السعي في ذلك الكتاب اعتمادا عليهما؟ ولو كان وجود القرآن العزيز موجبا للأمن من الضلال، لما وقع في هذه الأمة من الضلال والتفرق، ما لا يرجى زواله (1).