المراجعات - السيد شرف الدين - الصفحة ٣٤٠
وقد أثبت البخاري ومسلم في صحيحيهما (1)، وغير واحد من أثبات السنن والأخبار، تخلف علي عن البيعة، وأنه لم يصالح حتى لحقت سيدة النساء بأبيها (ص)، وذلك بعد البيعة بستة أشهر، حيث اضطرته المصلحة الاسلامية العامة في تلك الظروف الحرجة إلى الصلح والمسالمة، والحديث في هذا مسند إلى عائشة، وقد صرحت فيه: أن الزهراء هجرت أبا بكر، فلم تكلمه بعد رسول الله، حتى ماتت (828) وأن عليا لما صالحهم، نسب إليهم الاستبداد بنصيبه من الخلافة، وليس في ذلك الحديث تصريح بمبايعته إياهم حين الصلح، وما أبلغ حجته إذ قال مخاطبا لأبي بكر:
فإن كنت بالقربى حججت خصيمهم * فغيرك أولى بالنبي وأقرب وإن كنت بالشورى ملكت أمورهم * فكيف بهذا والمشيرون غيب (2) واحتج العباس بن عبد المطلب بمثل هذا على أبي بكر، إذ قال له في كلام دار

(١) راجع من صحيح البخاري أو آخر باب غزوة خيبر ص ٣٩ من جزئه الثالث، وراجع من صحيح مسلم باب قول النبي: لا نورث ما تركناه فهو صدقة، من كتاب الجهاد والسير ص ٧٢ من جزئه الثاني، تجد الأمر كما ذكرناه مفصلا.
(٢) هذان البيتان موجودان في نهج البلاغة، وقد ذكر ابن أبي الحديد في تفسيرهما من شرح النهج ص ٣١٩ من مجلده الرابع: أن حديثه فيهما موجه لأبي بكر، لأن أبا بكر حاج الأنصار في السقيفة، فقال: نحن عترة رسول الله (ص) وبيضته التي تفقأت عنه، فلما بويع، احتج إلى الناس بالبيعة، وأنها صدرت عن أهل الحل والعقد، فقال علي (ع): أما احتجاجك على الأنصار بأنك من بيضة رسول الله (ص) ومن قومه، فغيرك أقرب نسبا منك إليه، وأما احتجاجك بالاختيار ورضا الجماعة بك، فقد كان قوم من جملة الصحابة غائبين لم يحضروا العقد، فكيف يثبت. ا ه‍.
وللشيخ محمد عبده تعليقتان على هذين البيتين تتضمنان ما قاله ابن أبي الحديد في تفسيرهما.
(٣٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 335 336 337 338 339 340 341 342 343 344 345 ... » »»
الفهرست