تشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، وأن جنته حق، وأن ناره حق، وأن الموت حق وأن البعث حق بعد الموت، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، قالوا: بلى نشهد بذلك، ولماذا أخذ حينئذ على سبيل الفور بيد علي فرفعها إليه حتى بان بياض إبطيه؟ فقال: يا أيها الناس إن الله مولاي، وأنا مولى المؤمنين ولماذا فسر كلمته - وأنا مولى المؤمنين - بقوله: وأنا أولى بهم من أنفسهم؟ ولماذا قال بعد هذا التفسير: فمن كنت مولاه، فهذا مولاه أو من كنت وليه فهذا وليه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه وانصر من نصره، واخذل من خذله، ولم خصه بهذه الدعوات التي لا يليق لها إلا أئمة الحق، وخلفاء الصدق، ولماذا أشهدهم من قبل، فقال: ألست أولى بكم من أنفسكم؟
فقالوا: بلى. فقال: من كنت مولاه، فعلي مولاه، أو من كنت وليه، فعلي وليه، ولماذا قرن العترة بالكتاب؟ وجعلها قدوة لأولي الألباب إلى يوم الحساب؟
وفيم هذا الاهتمام العظيم من هذا النبي الحكيم؟ وما المهمة التي احتاجت إلى هذه المقدمات كلها؟ وما الغاية التي توخاها في هذا الموقف المشهود؟ وما الشئ الذي أمره الله تعالى بتبليغه إذ قال عز من قائل * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) * (647) وأي مهمة استوجبت من الله هذا التأكيد؟ واقتضت الحض على تبليغها بما يشبه التهديد؟ وأي أمر يخشى النبي الفتنة بتبليغه؟ ويحتاج إلى عصمة الله من أذى المنافقين ببيانه؟ أكنتم - بجدك لو سألكم عن هذا كله - تجيبونه بأن الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وآله، إنما أراد بيان نصرة علي للمسلمين، وصداقته لهم ليس إلا، ما أراكم ترتضون هذا الجواب، ولا أتوهم إنكم ترون مضمونه جائزا على رب الأرباب، ولا على سيد الحكماء، وخاتم الرسل والأنبياء، وأنتم أجل من أن تجوزوا عليه أن يصرف هممه كلها، وعزائمه بأسرها، إلى تبيين شئ بين لا يحتاج إلى بيان، وتوضيح أمر واضح بحكم الوجدان والعيان، ولا شك أنكم تنزهون