عز وجل يعيده بصيرا فيتبعك، وهما يوريان بدنك في التراب، ثم تتبعك الخيل فإذا صرت قريبا من الحصن في موضع كذا وكذا رهقتك الخيل فأنزل عن فرسك وفر إلى الغار فإنه يشترك في دمك فسقة من الجن والإنس. ففعل ما قال له أمير المؤمنين (ع) قال:
فلما انتهى إلى الحصن قال للرجلان: اصعدا فانظرا هل تريان شيئا؟ قالا: نرى خيلا مقبلة فنزل عن فرسه ودخل الغار وانفلت فرسه وذهب، فلما دخل الغار ضربه أسود سالخ في فيه وجاءت الخيل فلما رأوا فرسه غائرة قالوا: هذا فرسه وهو قريب فطلبه الرجال فأصابوه في الغار فكلما ضربوا أيديهم إلى شئ من جسمه ينفصل العضو فأخذوا رأسه فاتوا به معاوية فنصب على رمح وهو أول رأس نصب في الاسلام على رأس رمح.
وفي رواية واراه زاهر مولاه والمولى في هذا المقام بمعنى التابع وهو على ما في مستدرك الوسائل من أصحاب علي (ع) ولما هرب عمروا خرج زاهر منه فلما نزل عمرو بالوادي ونهشته الحية في جوف الليل فأصبح منتفخا قال يا زاهر: تنح عني فان حبيبي رسول الله (ص) قد أخبرني أنه سيشترك في دمي الجن والإنس، ولا بد لي ان اقتل فبينما هما كذلك إذا رأيا نواصي الخيل في طلب عمرو فقال: يا زاهر تغيب فإذا قتلت فإنهم سوف يأخذون رأسي، فإذا انصرفوا فاخرج إلى جسدي فواره، قال زاهر. لا بل أنثر نبلي ثم أرميهم به، فإذا فنيت نبلي قتلت معك قال: لا بل تفعل ما سألتك به ينفعك الله به. فاختفى زاهر، وأتى القوم فقتلوا عمر واحتزوا رأسه فحملوه، فلما انصرفوا خرج زاهر فوارى جسده فوفق لمواراة عمرو ودفنه، ثم ساقته السعادة إلى أن رزق الشهادة في نصرة الحسين (ع). وبقي حتى قتل مع الحسين (ع) والحجة عجل الله تعالى فرجه يسلم عليه في زيارة الناحية، السلام على زاهر مولى عمرو بن الحمق الخزاعي.
وقول عمرو بن الحمق له: تفعل ما سألتك ينفعك الله به. إشارة إلى أنك ترزق الشهادة في مقام أحسن من هذا المقام وهو طف كربلاء مع سيد الشهداء (ع) في نصرة ابن بنت رسول الله (ص) نعم والله فكا أن الحسين (ع) سيد الشهداء فكذلك أصحابه سادات الشهداء، وفي الخبر الشهيد معه كالشهيد مع الأنبياء مقبل غير مدبر (فطوبى لهم وحسن مآب) الخ.