به من حب علي ووده فان الله قد سلخه من صدري فصيره بغضا وعداوة وما كنت تعرفني به من بغض معاوية وعداوته فان الله قد سلخه من صدري وحوله حبا ومودة، إنك ان تستقم تسم لك دنياك ودينك، وان تأخذ يمينا وشمالا تهلك نفسك وتشط عندي دمك، إني لأحب التنكيل قبل التقدمة ولا آخذ بغير حجة، اللهم اشهد فقال حجر:
ان يرى الأمير مني إلا ما يحب، وقد نصح وأنا قابل النصيحة. ثم خرج من عنده فكان حجر يتقيه ويهابه وكان زياد يدنيه ويكرمه والشيعة تختلف إلى حجر وتسمع.
وكان زياد يشتي بالبصرة ويصيف بالكوفة، ويستخلف على البصرة سمرة بن جندب، وعلى الكوفة عمرو بن حريث، فقال: عمارة بن عقبة لزياد: إن الشيعة تختلف إلى حجر وتسمع منه ولا أراه عند خروجك إلا أثار الفتنة. فدعاه زياد فحذره وأنذره ووعده وخرج إلى البصرة، واستعمل عمرو بن حريث على الكوفة فجعلت الشيعة تختلف إلى حجر ويجئ حجر حتى يجلس في المسجد، فيجتمع إليه الشيعة حتى يأخذوا ثلث المسجد أو نصفه، وتطيف بهم النظارة ثم يمتلي المسجد ثم كثروا وكثر جمعهم ولفظهم وعلت أصواتهم بذم معاوية ونقص زياد، وبلغ ذلك عمرو بن حريث فصعد المنبر، واجتمع إليه اشراف أهل المصر فحثهم على الطاعة والجماعة، وحذرهم الخلاف فوثب إليه جماعة من أصحاب حجر يكبرون ويشتمون حتى دنوا منه فحصبوه وشتموه حتى نزل ودخل القصر وأغلق عليه بابه وكتب إلى زياد الخبر فلما قرأ الكتاب قال ما انا بشئ ان لم أمنع الكوفة من حجر وادعه نكالا لمن بعده ويل أمك يا حجر.
ثم اقبل زياد حتى دخل الكوفة وأتى قصر الامارة وخرج وعليه قباء سندسي ومطرف خز أخضر وحجر جالس في المسجد، وحوله أصحابه، فصعد زياد على المنبر فخطب وحذر الناس، ثم أمر أشراف أهل الكوفة وقال ليقم كل امرئ منكم إلى الجماعة التي حول حجر فليدع الرجل أخاه وابنه وذا قرابته ومن يطيعه من عشيرته حتى تقيموا عنه كل ما استطعتم، ففعلوا وجعلوا يقيمون عنه أصحابه حتى تفرق أكثرهم فلما رأى زياد خفة أصحابه قال لشداد بن الهيثم الهلالي أمير الشرطة: علي بحجر. فأتى به فأتاه شداد وقال: يا حجر أجب الأمير. فقال أصحاب حجر: لا والله ولأنعمه عينا ولا نجيبه. فقال شداد لأصحابه علي بغمد السيوف فاشتدوا إليها فأقبلوا بها وازدحموا عليه، وتكاثروا وكان حجر شجاعا فارسا فوقع فيهم وأعانه عليهم عدد معدود من أصحابه منهم عمرو بن