ما ظننت أني أديت من حقك كل الحق الذي يجب لك علي فقال أمير المؤمنين (ع) اللهم نور قلبه، واهده إلى الصراط المستقيم، ليت أن في شيعتي مئة مثلك، وكان ممن أعان حجر بن عدي، وكان من أصحابه فخاف زيادا فهرب من العراق إلى الموصل، واختفى في غار في القرب منها، فأرسل العامل إلى الموصل ليأخذه من الغار الذي كان فيه فوجده ميتا قد نهشته حية فمات، وقبره مشهور بظاهر الموصل وهو يزار وعليه مشهد كبير، وفي رواية أخرى لما أخذوا حجر بن عدي وأصحابه هرب عمر بن حمق إلى الموصل فاخذه أسيرا في طريقه، وبعثوا به إلى عامل الموصل، وهو عبد الرحمن بن عثمان الثقفي، الذي يعرف بابن أم الحكم، وهو ابن أخت معاوية فكتب خبره إلى معاوية، فكتب إليه معاوية انه زعم أنه طعن عثمان تسع طعنات، وانه لا يتعدى عليه فاطعنه تسع طعنات كما طعن عثمان. فاخرج فطعن تسع طعنات، فمات في الأولى منهم أو في الثانية. وبعث برأسه إلى معاوية فكان رأسه أول رأس حمل في الاسلام على رأس رمح وأهدي إلى معاوية وأعظم من ذلك حمل رأس الحسين (ع) إلى الشام على رأس رمح طويل إلى يزيد بن معاوية.
ومن كتاب مولانا الحسين (ع) إلى معاوية: أو لست قاتل عمرو بن الحمق صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم العبد الصالح الذي أبلته العبادة فنحل جسمه واصفر لونه، بعد ما أمنته وأعطيته من عهود الله وميثاقه، ما لو أعطيته طائرا لنزل إليك من رأس الجبل ثم قتلته جرأة على ربك، واستخفافا بذلك العهد، ويظهر من الخبر أن آمنة بنت الرشيد زوجة عمرو بن الحمق كانت بالشام، ويحتمل أن عمرو بن الحمق لما هرب من الكوفة إلى الموصل بعث بها إلى الشام، خوفا عليها من الأعداء أو أن زيادا لما لم يظفر بعمرو بن الحمق أخذ زوجته أسيرة وبعث بها إلى معاوية. ولما جاؤوا برأسه إلى معاوية بعث به إلى امرأته فوضع في حجرها فقالت: سترتموه عني طويلا وأهديتموه إلي قتيلا، فأهلا وسهلا من هدية غير قالية ولا بمقلية، بلغ أيها الرسول عني معاوية ما أقول طلب لله بدمه، وعجل له الويل من نقمه، فقد أتى أمرا فريا، وقتل بارا تقيا، فابلغ أيها الرسول معاوية ما قلت. فبلغ الرسول ما قالت. فغضب معاوية فأحضرها في المجلس، فقال لها: أنت القائلة ما قلت؟ قالت: نعم غير ناكلة عنه، ولا معتذرة منه قال لها أخرجي عن بلادي قالت: أفعل فوالله ما هو لي بوطن ولا أحن فيها إلى سكن، ولقد طال بها سهري واشتهر بها عبري، وكثر فيها ديني، من غير ما قرت به عيني. فقال عبد الله بن أبي