أين ربك؟ قال بالمرصاد لكل ظالم وأنت أحد الظلمة. قال: إنك عجمتك لتبلغ الذي تريد قال: أخبرني ما أخبرك صاحبك أني فاعل بك؟. قال: أخبرني أنك تصلبني وأنا عاشر عشرة، وأنا أقصرهم خشبة، وأقربهم إلى المطهرة قال: لنخالفنه قال: كيف تخالفه فوالله ما أخبرني إلا عن النبي (ص) عن جبرئيل عن الله تعالى فكيف تخالف هؤلاء؟ وقد عرفت الموضع الذي أصلب عليه أين هو من الكوفة، وأنا أول خلق الله الجم في الاسلام. فحبسه وحبس معه المختار بن أبي عبيد الله فقال له ميثم: إنك تفلت وتخرج ثائرا بدم الحسين فتقتل هذا الذي يقتلنا، فلما دعا عبيد الله بالمختار ليقتله طلع بريد بكتاب يزيد إلى عبيد الله بتخلية سبيله فأمر بميثم أن يصلب، فلما نظر إلى النخلة قال: لك خلقت ولي غذيت. فلما رفع على الخشبة اجتمع الناس حوله على باب عمر بن حريث قال عمرو كان والله يقول لي ميثم: إني مجاورك. فلما صلب أمر عمر وجاريته بكنس تحت خشبته ورشه وتجميره، فجعل ميثم يحدث بفضائل بني هاشم فقيل لابن زياد: قد فضحكم هذا العبد، فقال: ألجموه. فكان أول خلق الله ألجم في الاسلام. فلما كان اليوم الثالث طعن بالحربة فكبر ثم انبعث في آخر النهار فمه وأنفه دما ومات فاجتمع سبعة من التمارين لدفن ميثم فجاؤوا إليه ليلا والحراسة يحرسونه، فأوقدوا نارا فحالت بينهم وبين الحرس فاحتملوه بخشبة حتى انتهوا به إلى فيض من ماء في مراد فدفنوه فيه ورموا الخشبة في مراد في الخراب، فلما أصبحوا بعث الخيل فلم تجد شيئا.
وممن ينتهي نسبه إلى ميثم أبو الحسن الميثمي علي بن شعيب بن ميثم التمار، وكان من متكلمي علماء الإمامية في عصر المأمون والمعتصم، وله مناظرات مع الملاحدة ومع المخالفين، وكان معاصرا لأبي الهذيل العلاف شيخ المعتزلة البصريين: حكى شيخنا المفيد قال: سأل علي بن ميثم أبا الهذيل العلاف فقال له. ألست تعلم إبليس ينهي عن الخير كله ويأمر بالشر كله؟ قال. بلى. فيجوز ان يأمر بالشر كله وهو لا يعرفه، وينهى عن الخير كله، وهو لا يعرفه؟ قال. لا.
فقال له أبو الحسن. قد ثبت ان إبليس يعلم الشر كله، والخير كله. قال أبو الهذيل اجل قال. فأخبرني عن إمامك الذي تأتم به بعد الرسول (ص) هلم يعلم الخير كله والشر كله؟ قال. لا. قال له. فإبليس اعلم من إمامك. فانقطع أبو الهذيل. وكان قتل ميثم قبل قدوم الحسين إلى العراق بعشرة أيام وبعد شهادة مسلم بأيام.