بسم الله الرحمن الرحيم: هذا ما شهد به فلان الله رب العالمين شهد أن حجر بن عدي خلع الطاعة، وفارق الجماعة، ولعن الخليفة، ودعا إلى الحرب والفتنة، وجمع إليه الجموع يدعوهم إلى نكث البيعة وخلع أمير المؤمنين معاوية وكفر بالله كفرا شنيعا. قال زياد على مثل هذه الشهادة فاشهدوا والله لأجهدن في قطع عنق الخائن الأحمق ثم حبس حجر ابن عدي مع أصحابه عشر ليال حتى تمت الشهادة وكتب إلى معاوية كتابا يقول فيه:
لعبد الله معاوية بن أبي سفيان أمير المؤمنين من زياد بن أبي سفيان.
أما بعد: فان الله قد أحسن عند أمير المؤمنين البلاء فأدله من عدوه وكفى مؤنة من بغى عليه، إن طواغيت الترابية السبائية رأسهم حجر بن عدي خلعوا أمير المؤمنين وفارقوا جماعة المسلمين ونصبوا لنا حربا فأطفأها الله عليهم، وأمكننا منهم، وقد دعوت خيار أهل المصر واشرافهم وذوي النهى والدين فشهدوا عليهم بما رأوا، وعلموا هذا. ثم أمر بحملهم إلى معاوية، وهم مغللون وقد اجتمع حولهم الناس وهم محزونون باكون.
وروى إبراهيم بن الجنيد في كتاب الأولياء ان حجر بن عدي أصابته في طريقه جنابة فقال للموكل به: اعطني شرابي أتطهر به، ولا تعطني غدا شيئا.
فقال: أخاف أن تموت عطشا فيقتلني معاوية قال: فدعى الله فانسكبت له سحابة بالماء فأخذ منها الذي احتاج إليه فقال له أصحابه: ادع الله ان يخلصنا فقال: اللهم خر لنا قال: فقتل هو وطائفة منهم بأمر معاوية، ومن أصحاب حجر قبيصة بن ضبيعة العبسي منزله بحبانة عرزم، وهي منزل بالكوفة فلما بلغوه هناك فإذا بناته مشرفات للحرسة فقال:
ادنوني أوص أهلي وأسلي خاطرهم. فأدنوه، فلما رأينه بكين فسكت عنهن ساعة ثم قال:
اسكتن فقال: اتقين الله واصبرن فاني أرجو من ربي في وجهي هذا خيرا إحدى الحسنين اما الشهادة فنعم السعادة، واما الانصراف إليكن في عافية فان الذي كان يرزقكن، ويكفيني مؤنتكن هو الله تبارك وتعالى، وهو حي لا يموت، وأرجو أن لا يضيعكن، وان يحفظني فيكن. ثم انصرف فجعل قومه يدعون له بالعافية فمضوا بهم حتى انتهوا بهم إلى مرج عذراء وهم على أميال من دمشق فحبسوا به حتى مضى القاصد إلى معاوية، وبعث الكتاب إليه فلما قرأه وعرف معناه وعرف خبر القوم قال لجلسائه: ما ترون في هؤلاء؟.