الله لنا ينجينا من حبس المنصور فقال: لنا درجات عند الله لا ننالها إلا بالصبر على هذه البلية أو أعظمها، والمنصور درجات في النار لا ينالها إلا بما أجرى علينا من هذا الظلم أو أعظمه، فالصبر أجمل ويوشك إن نموت ونستريح، فإن أبيتم إلا الخلاص وانحطاط الاجر عنكم فها أنا ادعوا الله لكم، فقالوا بل نصبر فصبروا بالبلاء وقتلوا بعد ثلاثة أيام وماتوا في الحبس، وكان ذلك في اليوم الثالث والعشرين من المحرم سنة مائة وأربعين من الهجرة، وكان علي بن الحسين يومئذ ابن خمس وأربعين سنة والطباطبائية من السادات على قول ينتهون إليه لأنه كان يسمى بطباطبا.
وقال النراقي في الخزائن: سمي بطباطبا لأنه كان يحرف طوبى بطباطبا أو أهدي إليه لباس فقيل له نجعله لك قميصا أو قباء فقال طباطبا - يعني قباقا - كان مثل سبيكة الذهب كلما أوقد عليه نارا أزداد خلاصا، وهو كلما أشتد عليه البلاء أزداد صبرا وسرورا وممن قتل أو مات في حبس المنصور عبد الله بن المحض وسمي بالمحض لان أباه الحسن المثنى ابن الحسن بن أمير المؤمنين وأمه فاطمة بنت الحسين وهو أول من اجتمعت عليه ولادة الحسن والحسين، وكان يقول أنا أقرب الناس من رسول الله ولدني رسول الله مرتين وكان يشبه رسول الله، وكان شيخ بني هاشم في زمانه. وقيل له بما صرتم أفضل الناس؟
قال: لان كلهم يتمنون أن يكونوا منا، ولا نتمنا أن نكون من أحد، وكان قويا سخيا ومات في الحبس وهو ابن خمس وسبعين سنة وله إبنان محمد وإبراهيم، وكلاهما خرجا على المنصور وقتلا.
وأما محمد كان يلقب بالنفس الزكية وهذا هو المقتول بأحجار الزيت، وهو موضع داخل المدينة، ويقال له المهدي لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المهدي من ولدي اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي، وتطلعت إليه بنو هاشم وعظموه ويكنى أبا عبد الله وقيل أبا القاسم، وكا جم الفضائل كثير المناقب وكان تمتاما وبين كتفيه خال أسود كالبيضة وكان شديد السمرة سمينا شجاعا كثير الصلاة والصوم، شديد القوة، وكان المنصور قد بايع له ولأخيه مع جماعة من بني هاشم.
فلما بويع لبني العباس اختفى محمد وإبراهيم مدة خلافة السفاح، ولما عزم محمد على الظهور وعد أخاه إبراهيم أن يخرجا في يوم واحد وذهب محمد إلى المدينة وإبراهيم إلى البصرة فأتفق إن إبراهيم مرض فخرج محمد بالمدينة، ولما بلغ المنصور خروج محمد وقد