أعطوني مما رزقكم الله فقال لي الحسين ادفع إليه السلة، وقال له: خذ ما فيها ورد الاناء ثم أقبل علي، وقال: إذا أردت السلة إلى السائل أدفع إليه خمسين دينارا، وإذا جاء صاحب السلة فأدفع إليه مئة دينار فقلت: جعلت فداك أنت بعت عينا لتقضي دينا عليك فسألك سائل فأعطيته طعاما هو مقتنع له فلم ترض حتى أمرت له بخمسين دينار فقال: يا حسن إن لنا رب يعرف الحساب إذا جاء السائل فأدفع إليه مئة دينار، وإذا جاء صاحب السلة فأدفع إليه مئة دينار.
والذي نفسي بيده إني لأخاف أن لا يقبل مني لان الذهب والفضة والتراب عندي بمنزلة واحدة، وقد قتل الحسين بن علي صابح فخ بفخ، والفخ بئر قريبة من مكة على فرسخ ولقد نزل رسول الله بفخ وصلى ركعتين وبكى وبكت صحابته، وقال: نزل علي جبرئيل وقال يا محمد: إن رجلا من ولدك يقتل في هذا المكان واجر الشهيد معه اجر الشهيدين، ونزل الصادق في رواحه إلى الحج من المحمل بفخ وتوضأ وصلى ثم ركب فقيل له هذا من الحج قال: لا ولكن يقتل ها هنا رجل من أهل بيتي في عصابة تسبق أرواحهم أجسادهم الجنة، وأخبر أيضا الإمام موسى بن جعفر بشهادته لما خرج قال له: يا بن العم إنك مقتول فأجد الضراب فإن القوم فساق يظهرون إيمانا، ويسرون شركا وإنا لله وإنا إليه راجعون أحتسبكم عند الله من عصبة، ولقد قتل في يوم التروية ثامن من ذي الحجة ستمائة نفر من السادات وآل أبي طالب ومواليهم، والى هؤلاء أشار دعبل بقوله: (وأخرى بفخ نالها صلوات) وكان ذلك في خلافة الهادي رابع خلفاء بني العباس.
قال الإمام محمد بن علي الجواد: وما وقعت وقعة بعد وقعة الطف أعظم علينا من محاربة فخ، ولما قتل الحسين بن علي صاحب فخ سمعت نياح الجن عليه من أول الليل إلى الصباح على مياه غطفان، والسبب في خروجه إن الهادي ولي على المدينة رجلا من ولد عمر بن الخطاب اسمه عمر بن العزيز بن عبد الله بن عمر فضيق على السادات والهاشميين وآل أبي طالب ومواليهم، وكان يؤذيهم بكل ما يستطيع حتى جرى الامر بأن ضرب الحسن بن محمد بن عبد الله المحض أحد سادات بني الحسن مائتي سوطا لأمر، وضرب رجلين من خواصه ثم جعل الحبال في أعناقهم، وطيف بهم في المدينة مكشفي الظهور ليفضحهم وأشاع في الناس بأنه وجدهم على شراب فجاء الحسين بن علي صاحب فخ إلى العمري وقال له قد ضربتهم ولم يكن لك إن تضربهم فلم تطوف بهم فأمر العمري بهم