فقال له محمد: ألم أقل لك إنك لا تقدر على ردها؟ فاخرج ذنب الناقة وقال: أما تعذر من جاء بهذا؟
وفي سنة مائة وخمس وأربعين ظهر إبراهيم ليلة الاثنين غرة شهر رمضان وبايعه من أهل البصرة نحو أربعة آلاف فلما بلغ المنصور خروجه خاف ورحل واشتد خوفه ونزل بالكوفة ليأمن غائلة الشيعة بها، ووجد إبراهيم في الخزانة بالبصرة ستمائة ألف دينار فأنفقها في عسكره وبعث سرية إلى الأهواز وأخرى إلى فارس وأخرى إلى واسط فجهز المنصور لحربه خمسة آلاف فاقتتلوا أياما وبقي المنصور لا يقر ولا ينام، وقيل: إن عسكر إبراهيم بلغ مائة الف فلو هجم على الكوفة لاستولى على الامر ولظفر بالمنصور وقال: أخشى إن هجمنا إن تستباح الصغار والنساء وكان بباخمرا على يومين من الكوفة فاقتحم القتال واستظهر أصحاب إبراهيم وانهزم مقدم جيش المنصور، ونادى إبراهيم لا يتبعن أحد منهزما ولما اتصل الخبر بالمنصور بأن عسكره قد انهزم اضطرب اضطرابا شديدا وهيأ النجائب ليهرب إلى الري وجعل يقول: فأين قول صادقهم أين لعب الغلمان والصبيان، واشتد قلقه وبعث إليه الجيوش كالجراد المنتشر مع عيسى بن موسى لما رجع من المدينة من حرب محمد أخي إبراهيم فلم يزل القتال بينهم حتى قتل من أصحاب إبراهيم جمع كثير، وانهزم الباقون فبقي إبراهيم وحده وهو يقاتل القوم، وقد غلب عليه حرارة الشمس فكشف عن درعه فجاءه سهم في لبته فأنزلوه وهو يقول: الحمد لله وكان أمر الله قدرا مقدورا أردنا أمرا وأراد الله سبحانه وتعالى غيره، وجاءه سهم آخر فوقع في حلقه فقضى نحبه ثم قطعوا رأسه وبعثوا به المنصور فخر المنصور ساجدا، فوضع الرأس في طشت بين يديه والحسن بن زيد السبط كان حاضرا فخنقته العبرة، والتفت إليه المنصور وقال: أتعرف رأس من هذا؟ فقال: نعم وأنشأ:
فتى كان تحميه من الظيم نفسه * وينجيه من دار الهوان اجتنابها فقال المنصور: صدقت ولكن أراد رأسي فكان رأسه أهون علي، ما أشبه كلامه بكلام يزيد (لع) لما وضع رأس الحسين في الطشت بين يديه قال لعلي بن الحسين: أراد أبوك وجدك أن يكونا أميرين، والحمد لله الذي قتلهما وسفك دمائهما، فقال (ع): لم تزل النبوة والامارة لابائي وأجدادي من قبل أن تولد إلى آخر ما قال.
وكان قتل محمد وإبراهيم في الخامس والعشرين من ذي القعدة سنة 145 وعاش إبراهيم