قال: نعم يا بني جاهدوهم فوالله إنك على الحق، وإنهم لعلى الباطل وإن قتلاك في الجند وقتلاهم في النار قال سلمة بن ثابت: وجاؤا إليه بطبيب يقال له سفيان: فانتزع النصل من جبينه وأنا أنظر إليه فما انتزعه حتى قضى نحبه فقال أصحابه: أين ندفنه فقال بعضهم:
نلبسه درعين ثم نلقيه في الماء، وقال بعضهم: لا بل نحز رأسه ثم نطرحه بين القتلى فقال ابنه يحيى: لا والله لا يأكل السباع لحم أبي فقال بعضهم: ندفنه بالعباسية فأشرت عليهم أن ينطلقوا إلى موضع قد احتقر، فيدفن فيه ويجروا على قبره الماء فأخذوا برأيي فانطلقنا به ودفناه، وأجرينا عليه الماء ومعنا سندي فذهب إلى الحكم بن الصلت من الغد، وأخبره وبعث إلى ذلك الموضع واستخرجه وحز رأسه وسرح به إلى يوسف بن عمر وأمر بجثته فصلبت بالكناسة.
في (مقاتل الطالبين) قال نصر بن قابوس: فنظرت إليه حين أقبل به على جمل قد شد بالحبال وعليه قميص أصفر هروي فألقي من البعير على باب القصر فخر كأنه جبل فأمر به فصلب بالكناسة وصلب معه جماعة. عن سماعة بن موسى الطحان قال: رأيت زيد ابن علي مصلوبا بالكناسة عريانا فما رأى أحد له عورة استرسل جلد من بطنه من قدامه ومن خلفه حتى ستر عورته، في شرح القصيدة نسجت العنكبوت على عورته من يومه قال جرير بن حازم: رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المنام وهو متساند إلى جذع زيد بن علي وهو مصلوب، وهو يقول للناس: أهكذا تفعلون بولدي؟ أقول: يعز على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم يرى ابنه زيدا مصلوبا بلا رأس ويوم يرى حسينا مطروحا بلا رأس والخيول تجول على صدره الشريف.
وفي شرح القصيدة لما قتل زيد بعثوا برأسه إلى المدينة ونصب عند قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوما وليلة كما في الخبر وبعثوا برأس الحسين إلى المدينة ودفن عند أمه فاطمة، ولما قتل زيد بن علي بن الحسين ودفن رجع ابنه يحيى بن زيد وأقام بجبانة السبيع وتفرق الناس عنه فلم يبق معه إلا عشرة نفر. قال سلمة بن ثابت: فقلت له أين تريد؟ قال: أريد النهرين فقلت له: إن كنت تريد النهرين فقاتل هاهنا حتى تقتل قال: أريد نهري كربلاء فقلت له: فالنجاة قبل الصبح قال: فخرجنا معه فلما جاوزنا الأبيات سمعنا الاذان فخرجنا مسرعين فكلما استقبلني قوم استطعمتهم فيطعمونني الأرغفة فأطعمه إياه وأصحابي حتى أتينا نينوى فزار جده الحسين (ع) وبكى عنده قال سلمة: مضيت وخليته وكان آخر