فنزلا في ظل شجرة فلما دنا الرواح خرجت إليهما من تحت الصفاة حية تحمل دينارا فألقته إليهما فقالا: ان هذا لمن الكنز فأقاما ثلاثة أيام كل يوم تخرج إليهما دينارا فقال أحدهما لصاحبه: إلى متى ننتظر هذه الحية إلا نقتلها ونحفر هذا الكنز فنأخذه فنهاه أخوه وقال: ما ندري لعلك تتعب ولا تدرك المال فأبى عليه وأخذ فأسا معه ورصد الحية حتى خرجت فضربها فلم تقتلها فثارت الحية فقتلته ورجعت إلى جحرها فقام أخوه ودفنه وأقام حتى إذا كان الغد خرجت الحية معصوبة رأسها ليس معها شئ فقال لها: يا هذه اني والله ما رضيت ما أصابك ولقد نهيت أخي عن ذلك فهل لك أن يجعل الله بيننا ان لا تضريني ولا أضرك وترجعين إلى ما كنت عليه؟ قالت الحية: لا. قال: ولم ذلك؟ قالت: أني لاعلم ان نفسك لا تطيب لي أبدا وأنت ترى قبر أخيك ونفسي لا تطيب لك أبدا وانا أذكر هذه الشجة ثم أنشدت هذا البيت فقالت:
أرى قبرا تراه مقابلي * وضربة فاس فوق رأسي فاغره فيا معشر قريش وليكم عمر بن الخطاب فكان فظا غليظا مضيقا عليكم فسمعتم له وأطعتم: ثم وليكم عثمان فكان سهلا فعدوتم عليه وقتلتموه، وبعثنا عليكم يوم الحرة فقتلناكم فنحن نعلم يا معشر قريش انكم لا تحبوننا أبدا وأنتم تذكرون يوم الحرة لا نحبكم أبدا ونحن نذكر يوم الحرة، وكان عبد الملك صاحب التدبير والكفاية، وشديد الفكرة والمداهنة، وكثير المزاح والبشاشة، ويجب الشعر والفخر والمدح تاقت نفسه إلى محادثة الرجال والاشراف وأخيار الناس، وكثيرا يمازح الرجال قيل أهدي إليه يوما أترجة مكللة بالدر والياقوت فأعجبته وعنده جماعة من خاصته وأهل خلوته فقال لرجل من جلسائه اسمه خالد: اغمز منها ترسا وأراد ان يمتحن صلابته فقام فغمزه فضرط فاستضحك عبد الملك فضحك جلساؤه فقال: كم دية الضرطة فقال بعضهم: أربعمائة درهم وقطيفة فأمر له بذلك فانشأ رجل من القوم:
أيضرط خالد من غمز ترس * ويحبوه الأمير بها بدورا فيا لك من ضرطة جلبت غناه * ويا لك ضرطة أغنت فقيرا يود الناس لو ضرطوا فنالوا * من المال الذي اعطى عشيرا ولو نعلم بأن الضرط يغني * ضرطنا أصلح الله الأميرا فضحك عبد الملك وقال: أعطوه أربعة آلاف فلا حاجة لنا في ضراطه. كان روح