لا يأكل منه أحد شيئا، وكتب إليه ابنه سليمان ان بغلتي عجزت فان رأى أمير المؤمنين أن يأمر لي بدابة وكتب إليه أن أمير المؤمنين قد فهم كتابك وما ذكرت من ضعف دابتك وأظن أن ذلك من قلة تعاهدك لعلفها أو ضياع العلف فقم عليها بنفسك، ولعل أمير المؤمنين رأى رأيه في حملاتك.
وفي أيامه استشهد زيد بن علي بن الحسين (ع) في سنة إحدى وعشرين ومئة وقد شاور زيد أخاه أبا جعفر الباقر (ع) فأشار إليه بأن لا يركن إلى أهل الكوفة إذا كانوا أهل غدر ومكر، وقال له: بها قتل جدك علي (ع)، وبها طعن عمك الحسن (ع) وبها قتل أبوك الحسين (ع) وفيها وفي أعمالها شتمنا أهل البيت، فأبى زيد إلا الخروج والمطالبة بدم جده الحسين فقال له الباقر: يا أخي أخاف عليك أن تكون غدا المصلوب بكناسة الكوفة وودعه وخرج زيد إلى الشام حتى دخل على هشام بالرصافة فلما دخل المجلس لم ير موضعا يجلس فيه لكثرة الناس فجلس حيث انتهى به المجلس فالتفت إليه هشام وقال:
يا زيد أنت الذي تنازعك نفسك بالخلافة، وأنت أنب أمة؟ قال زيد: يا هشام ان الأمهات لا يقعدن الرجال عن الغايات، وقد كانت أم إسماعيل أمة لام إسحاق فلم يمنعه ان بعثه الله نبيا، وجعله أبا نبينا فأخرج من صلبه خير البشر محمد صلى الله عليه وآله وسلم أفتقول لي هذا وأنا ابن فاطمة وعلي؟ فخرج زيد من عند هشام وقصد الكوفة.
فلما دخل الكوفة بايعه أهل الكوفة وخرجوا معه وهم الاشراف والقراء، فبلغ ذلك هشام فبعث إليه بجيش عظيم عليهم يوسف بن عمر الثقفي فلما تلاقيا وقامت الحرب انهزم أهل الكوفة وبقي زيد في جماعة يسيرة فقاتلهم أشد القتال، وجال القتال بين الفريقين فراح زيد مثخنا بالجراح وقد أصابه سهم في جبهته ودخل رحله فجاؤوا بحجام لينزع السهم من جبهته فلما استخرج النصل مات زيد من ساعته فغسلوه وكفنوه ودفنوه في ساقية، وجعلوا على قبره التراب والحشيش وأجروا الماء على قبره وكان الحجام حاضرا فعرف الموضع فلما أصبح مضى إلى يوسف وأخبره بموضع قبر زيد فأخرجه من القبر وقطعوا رأسه، وبعث يوسف الثقفي برأسه إلى هشام فكتب هشام إلى يوسف ان أصلبه عريانا فصلبه كذلك ثم كتب هشام باحراقه وذروه في الرياح.
وفي رواية ان زيدا كان خمسين شهرا مصلوبا عريانا حتى عشعشت الفاختة في جوفه فلم ير أحد عورته سترا من الله. فلما كان في أيامه الوليد بن يزيد بن عبد الملك وظهر