نور البراهين - السيد نعمة الله الجزائري - ج ٢ - الصفحة ٥٠٣
قال الرضا عليه السلام: يا سليمان هل يعلم أن إنسانا يكون ولا يريد أن يخلق إنسانا أبدا 1)، وأن إنسانا يموت اليوم ولا يريد أن يموت اليوم؟ قال سليمان: نعم 2) قال الرضا عليه السلام: فيعلم أنه يكون ما يريد أن يكون 3) أو يعلم أنه يكون مالا يريد أن يكون؟! قال: يعلم أنهما يكونان جميعا، قال الرضا عليه السلام: إذن يعلم أن إنسانا حي ميت، قائم قاعد، أعمى بصير في حال واحدة، وهذا هو المحال، قال: جعلت فداك فإنه يعلم أنه يكون أحدهما دون الآخر، قال عليه السلام: لا بأس، فأيهما يكون، الذي أراد أن يكون أو الذي لم يرد أن يكون، قال سليمان: الذي أراد أن يكون، فضحك الرضا عليه السلام 4) والمأمون وأصحاب المقالات. قال الرضا عليه السلام: غلطت وتركت قولك: إنه يعلم أن إنسانا يموت اليوم وهو لا يريد أن يموت اليوم وأنه يخلق خلقا وهو لا يريد أن يخلقهم، فإذا لم يجز العلم عندكم لما لم يرد 5) أن يكون فإنما يعلم أن يكون ما أراد أن يكون.
____________________
فعل، فهذا هو المانع له من نفوذ الإرادة لا أنها غير حاصلة، فأجابه عليه السلام بأن هذا هو قول اليهود الذي نفيته عنك سابقا.
1) تمهيد منه عليه السلام لبيان تغاير العلم والإرادة، أي: أنه تعالى يعلم وجود انسان في اليوم الفلاني وهو لا يريد أن يخلق أحدا ذلك اليوم.
2) اقرار منه بوجود العلم من دون الإرادة.
3) أي: هل يعلم وجود ما يريد وجوده، أو يعلم وجود ما لا يريد وجوده؟
فقال الخراساني: يعلم بكونهما جميعا حتى يوجد العلم والإرادة، فألزمه عليه السلام بوجود المتناقضين وهو ظاهر مما سبق.
4) لأنه مناف لما تقدم من كلامه.
5) يعني: إذا لم يجز تعلق العلم بوجود ما لا يريد وجوده لم يبق الا تعلقه
(٥٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 498 499 500 501 502 503 504 505 506 507 508 ... » »»
الفهرست