نور البراهين - السيد نعمة الله الجزائري - ج ٢ - الصفحة ٤٥٠
فلما أصبحنا أتانا الفضل بن سهل فقال له: جعلت فداك ابن عمك ينتظرك وقد اجتمع القوم فما رأيك في إتيانه، فقال له الرضا عليه السلام: تقدمني فإني صائر إلى ناحيتكم إن شاء الله، ثم توضأ عليه السلام وضوء الصلاة وشرب شربة سويق وسقانا منه، ثم خرج وخرجنا معه حتى دخلنا على المأمون، فإذا المجلس غاص بأهله ومحمد بن جعفر في جماعة الطالبيين والهاشميين، والقواد حضور، فلما دخل الرضا عليه السلام قام المأمون وقام محمد بن جعفر وقام جميع بني هاشم، فما زالوا وقوفا والرضا عليه السلام جالس مع المأمون حتى أمرهم بالجلوس فجلسوا، فلم يزل المأمون مقبلا عليه يحدثه ساعة.
ثم التفت إلى جاثليق، فقال: يا جاثليق هذا ابن عمي علي بن موسى ابن جعفر وهو من ولد فاطمة بنت نبينا، وابن علي بن أبي طالب عليهم السلام فأحب أن تكلمه وتحاجه وتنصفه فقال الجاثليق يا أمير المؤمنين كيف أحاج رجلا يحتج علي بكتاب أنا منكره ونبي لا أو من به. فقال له الرضا عليه السلام: يا نصراني فإن احتججت عليك بإنجيلك أتقر به؟! قال الجاثليق: وهل أقدر على دفع ما نطق به الإنجيل؟ نعم والله أقر به على رغم أنفي، فقال له الرضا عليه السلام: سل عما بدا لك وافهم الجواب، قال الجاثليق: ما تقول في نبوة عيسى عليه السلام وكتابه هل تنكر منهما شيئا؟ قال الرضا عليه السلام: أنا مقر بنبوة عيسى وكتابه وما بشر به أمته وأقر به الحواريون، وكافر بنبوة كل عيسى لم يقر بنبوة محمد 1) وبكتابه ولم يبشر
____________________
فتنبت، فتكون خضراء، فيكون في الكلام استعارة، أي: ليس فيما ينبت في ساحة ضميره من المعاني غلظة.
1) قد أوضح عليه السلام طريق الجدل والمباحثة مع أهل الأديان، والزمهم بأسهل
(٤٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 445 446 447 448 449 450 451 452 453 454 455 ... » »»
الفهرست