ولعل ذاك، فقال أبو عبد الله عليه السلام: أيها الرجل ليس لمن لا يعلم حجة على من يعلم، فلا حجة للجاهل على العالم، يا أخا أهل مصر تفهم عني، فإنا لا نشك في الله أبدا، أما ترى الشمس والقمر والليل والنهار يلجان ولا يشتبهان 1)، يذهبان ويرجعان، قد اضطرا، ليس لهما مكان إلا
____________________
الدليل على ما هو الحق، فكن طالبا واستمع وتفهم عني، فإنا نتيقن وجود الصانع ولا نشك فيه أبدا، فاستدل على مطلوبه بوجود حوادث من أحوال العالم.
1) المراد بولوج الشمس والقمر غروبهما، أو دخولهما بالحركات الخاصة في بروجهما، وبولوج الليل والنهار دخول تمام كل منهما في الاخر، أو دخول بعض من كل منهما في الآخر بحسب تفاوت الفصول.
وحاصل الاستدلال أن لهذه الحركات انضباطا واتساقا واختلافا وتركبا، فالانضباط يدل على عدم كونها إرادية، كما هو المشاهد من أحوال ذوي الإرادات من الممكنات، والاختلاف يدل على عدم كونها طبيعية، لان الطبيعة العادمة للشعور لا تختلف مقتضياتها، كما يشاهد من حركات العناصر، وكما قالوه من أن الطبيعة الواحدة لا تقتضي التوجه إلى جهة والانصراف عنها.
وقال بعضهم: حاصل الدليل راجع إلى ما يحكم به العقلاء من أن مثل تلك الأفعال المحكمة الجارية على قانون الحكمة وميزان العقل، لا تصدر عن الدهر والطبائع العادمة للشعور والإرادة، وهذا معنى قوله (إن كان الدهر يذهب بهم) أي: الدهر الذي لا شعور له كيف يصدر عنه الذهاب الموافق للحكمة، ولا يصدر عنه بدله الرجوع، أو المراد: أنه لم يقتض طبعه ذهاب شئ ولا يقتضي رده
1) المراد بولوج الشمس والقمر غروبهما، أو دخولهما بالحركات الخاصة في بروجهما، وبولوج الليل والنهار دخول تمام كل منهما في الاخر، أو دخول بعض من كل منهما في الآخر بحسب تفاوت الفصول.
وحاصل الاستدلال أن لهذه الحركات انضباطا واتساقا واختلافا وتركبا، فالانضباط يدل على عدم كونها إرادية، كما هو المشاهد من أحوال ذوي الإرادات من الممكنات، والاختلاف يدل على عدم كونها طبيعية، لان الطبيعة العادمة للشعور لا تختلف مقتضياتها، كما يشاهد من حركات العناصر، وكما قالوه من أن الطبيعة الواحدة لا تقتضي التوجه إلى جهة والانصراف عنها.
وقال بعضهم: حاصل الدليل راجع إلى ما يحكم به العقلاء من أن مثل تلك الأفعال المحكمة الجارية على قانون الحكمة وميزان العقل، لا تصدر عن الدهر والطبائع العادمة للشعور والإرادة، وهذا معنى قوله (إن كان الدهر يذهب بهم) أي: الدهر الذي لا شعور له كيف يصدر عنه الذهاب الموافق للحكمة، ولا يصدر عنه بدله الرجوع، أو المراد: أنه لم يقتض طبعه ذهاب شئ ولا يقتضي رده