كثير النتاج مبشر بالربيع (1) وتطيب نفسه على الهواء الصافي وهبوب الشمال، ويسوء حاله بهبوت الجنوب حتى أنه لا يقدر على الطيران، وهو طائر أسود باطن الجناحين وظاهرهما أغبر على خلقة القطا إلا أنه ألطف منه، والجاحظ جعله من أقسام الحمام ومن شأنه أنه لا يجعل بيضه في موضع واحد بل ينقله لئلا يعرف أحد مكانه، قال ابن سينا: لحمه أفضل من لحوم الفواخت وأعدل وألطف، وأكله يزيد في الدماغ والفهم والمني (2).
وقال: القبج بفتح القاف وإسكان الباء: الحجل، والقبجة اسم جنس يقع على الذكر والأنثى حتى تقول: يعقوب (3) فيختص بالذكر، وكذلك الدراجة حتى تقول: الحيقطان (4)، والنحلة حتى تقول: يعسوب، ومثله كثير (5)، والذكر يوصف بالقوة على السفاد، ولكثرة سفاده يقصد موضع البيض فيكسره لئلا تشتغل الأنثى بحضنه عنه، ولذا الأنثى إذا أتى أوان بيضها تهرب وتختبئ رغبة في الفرخ وهي إذا هربت بهذا السبب ضاربت الذكور بعضها بعضا وكثر صياحها، ثم إن المقهور يتبع القاهر ويفسد القوي الضعيف، والقبج يغير أصواته بأنواع شتى بقدر حاجته إلى ذلك، وتعمر خمسة عشر سنة (6)، ومن عجيب أمرها أنها إذا قصدها الصياد خبأت رأسها تحت الثلج وتحسب أن الصياد لا يراها، وذكورها شديد الغيرة على إناثها، والأنثى تلقح من رائحة الذكر، وهذا النوع كله يحب الغناء والأصوات