فحل سوى الدمع المنبجس، لما كان ذلك بأعجب من مطاعمة الغراب، تخال قصبه مداري من فضة، وما أنبت عليها من عجيب داراته وشموسه خالص العقيان وفلذ الزبرجد.
فان شبهته بما أنبتت الأرض قلت: جني من زهرة كل ربيع (1)، وإن ضاهيته بالملابس فهو كموشي الحلل أو مونق عصب اليمن (2)، وإن شاكلته بالحلي فهو كفصوص ذات ألوان قد نطقت باللجين المكلل، يمشي مشي المرح المختال، ويتصفح ذنبه وجناحه (3) فيقهقه ضاحكا لجمال سرباله وأصابيغ وشاحه، فإذا رمى ببصره إلى قوائمه زقا معولا بصوت يكاد يبين عن استغاثته ويشهد بصادق توجعه، لان قوائمه حمش كقوائم الديكة الخلاسية وقد نجمت من ظنبوت ساقه صيصية خفية، وله في موضع العرف قنزعة خضراء موشاة، ومخرج عنقه كالإبريق، ومغرزها إلى حيث بطنه كصبغ الوسمة اليمانية أو كحريرة ملبسة مرآة ذات صقال، وكأنه متلفع بمعجر أسحم إلا أنه يخيل لكثرة مائه وشدة بريقه أن الخضرة الناضرة ممتزجة به ومع فتق سمعه خط كمستدق القلم في لون الأقحوان أبيض يقق فهو ببياضه في سواد ما هنالك يأتلق، وقل صبغ إلا وقد أخذ منه بقسط، علاه بكثرة صقاله وبريقه وبصيص ديباجه ورونقه، فهو كالأزاهير المبثوثة لم تربها أمطار ربيع ولا شموس قيظ، وقد يتحسر من ريشه ويعرى من لباسه فيسقط تترى وينبت تباعا فينحت من قصبه انحتات أوراق الأغصان، ثم يتلاحق ناميا حتى يعود كهيئته قبل سقوطه لا يخالف سائر ألوانه (4) ولا يقع لون في غير مكانه، وإذا تصفحت شعرة من شعرات قصبه أرتك