متهيأ لدخولها وهدمها (1) وقدم فيله محمودا أمام جيشه، فلما وجه الفيل إلى مكة أقبل نفيل بن حبيب فأخذ بإذن الفيل وقال: ابرك محمودا وارجع راشدا فإنك في بلد الله الحرام، ثم أرسل اذنه فبرك الفيل وضربوه بالحديد حتى أدموه، ليقوم فأبى فوجهوه إلى اليمن فقام يهرول فوجهوه إلى الشام ففعل مثل ذلك (2)، فعند ذلك أرسل الله عليهم طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل، فتساقطوا بكل طريق و هلكوا على كل منهل، وأصيب أبرهة حتى تساقط أنملة أنملة حتى قدموا به صنعاء وهو مثل فرخ الطائر حتى انصدع صدره عن قلبه (3)، وانفلت وزيره وطائر يحلق فوقه حتى بلغ النجاشي فقص عليه القصة فلما انتهى وقع عليه الحجر فخر ميتا بإذن الله بين يديه.
قال السهيلي: قوله: فبرك الفيل، فيه نظر، فان الفيل لا يبرك كما يبرك الجمل، فيحتمل أن يكون بروكه سقوطه إلى الأرض لما جاء من أمر الله سبحانه، و يحتمل أن يكون فعل فعل البارك الذي يلزم موضعه ولا يبرح، فعبر بالبارك عن ذلك، قال: وقد سمعت من يقول: إن في الفيلة صنفا يبرك كما يبرك الجمل، فان صح وإلا فتأويله ما قدمناه، قال وقول عبد المطلب: " لأهم " إلى آخره، العرب تحذف الألف واللام من اللهم، ويكتفى بما بقي، والحلال: متاع البيت، وأراد به سكان الحرم، ومعنى محالك كيدك وقوتك (4).
وقال: الدب من السباع، والأنثى دبة، وهو يحب العزلة، فإذا جاء الشتاء دخل وجاره (5) الذي اتخذه في الغيران، ولا يخرج حتى يطيب الهواء، وإذا جاع يمص (6) يديه ورجليه فيندفع بذلك عنه الجوع ويخرج في الربيع أسمن ما