وأقول: يظهر من بعض الأخبار أيضا أنهم كانوا يضربون بالقداح عند آلهتهم ويتوسلون في ذلك إليهم فيمكن أن يكون كونه فسقا من هذه الجهة أيضا.
ثم إن الآيات المعترضة بين تلك الآيات وبين قوله: " فمن اضطر " اعتراض بما يوجب التجنب عنها وهو أن تناولها فسوق وحرمتها من جملة الدين الكامل والنعمة التامة والاسلام المرضي.
وأقول: لا يبعد تغيير نظم الآيات عن الترتيب المنزل لدلالة الروايات المتواترة من طرق الخاصة والعامة أنها نزلت في ولاية أمير المؤمنين عليه السلام التي نزلت يوم الغدير، فلعلهم تعمدوا ذلك تبعيدا للأذهان عن فهم المراد.
" فمن اضطر في مخمصة " في المجمع معناه فمن دعته الضرورة في مجاعة حتى لا يمكنه الامتناع من أكله عن ابن عباس وغيره " غير متجانف لاثم " أي غير مائل إلى إثم، وهو نصب على الحال، يعني فمن اضطر إلى أكل الميتة وما عدد الله تحريمه عند المجاعة الشديدة غير متعمد لذلك ولا مختار له ولا مستحل (1) فان الله سبحانه أباح تناول ذلك له قدر ما يمسك به رمقه بلا زيادة عليه عن ابن عباس وغيره، وبه قال أهل العراق، وقال أهل المدينة: يجوز أن يشبع منه عند الضرورة، وقيل: إن معنى قوله: " غير متجانف لاثم " غير عاص بأن يكون باغيا أو عاديا أو خارجا في معصية عن قتادة.
" فان الله غفور رحيم " في الكلام محذوف دل ما ذكر عليه، والمعنى فمن اضطر إلى ما حرمت عليه غير متجانف لاثم فأكله فان الله غفور لذنوبه ساتر عليه أكله لا يؤاخذه به، وليس يريد أن يغفر له عقاب ذلك الاكل ولا يستحق (2) العقاب على فعل المباح، وهو رحيم أي رفيق بعباده، ومن رحمته أباح لهم ما حرم عليهم في حال الخوف على النفس. " يسألونك " يا محمد " ماذا أحل لهم " معناه أي