ومضمون باقي الآية تعليق وجوب الشكر لله على عبادتهم إياه، وتلخيصه أن العبادة له إن كانت واجبة عليكم لأنه إلهكم فالشكر له أيضا واجب عليكم فإنه منعم محسن إليكم كذا ذكره الطبرسي (1) - رحمه الله - وقال الرازي: فيه وجوه: أحدها:
واشكروا الله إن كنتم عارفين بالله ونعمه، فعبر عن معرفة الله تعالى بعبادته اطلاقا لاسم الأثر على المؤثر.
وثانيها: معناه إن كنتم تريدون أن تعبدوا الله فاشكروه فان الشكر رئيس العبادات.
وثالثها: واشكروا الله الذي رزقكم هذه النعمة إن كنتم إياه تعبدون، أي إن صح أنكم تخصونه بالعبادة وتقرون أنه هو سبحانه إلهكم لا غير انتهى (2).
وأقول: يحتمل أن يكون الغرض أن شكركم إنما يصح ويستقيم بترك الشرك وإخلاص العبادة له تعالى.
" إنما حرم عليكم الميتة " كأن هذه الآية كالاستثناء عن عموم ما تقدم أو أنه سبحانه لما أمر في الآية بأكل الطيبات بين في هذه الآية الخبائث ليعلم أن ما سواها من الطيبات، و " إنما " على المشهور بين أهل العربية والأصوليين للحصر فيدل على حصر المحرمات من المأكولات في هذه الأشياء، فهي حجة في حل ما سواها إلا ما أخرجه الدليل.
وقال البيضاوي: المراد قصر الحرمة على ما ذكر مما استحلوه لا مطلقا أو قصر حرمته على حال الاختيار كأنه قيل إنما حرم عليكم هذه الأشياء ما لم تضطروا إليها انتهى (3).
ويمكن أن يكون التحريم في هذا الوقت مقصورا على ما ذكر فحرم بعد ذلك غيرها كما مر، والأول من المحرمات في تلك الآية الميتة، وهي على المشهور ما فارقه