فبعر الظبي وبال ثم أرسله، فناموا في القائلة فانتبه بعضهم فإذا هو بحية منطوية على بطن الرجل الذي أخذ الظبي، فقال له أصحابه: ويلك لا تحرك فلم تنزل الحية عنه حتى كان منه من الحدث ما كان من الظبي.
ثم روى عن مجاهد قال: دخل قوم مكة تجارا من الشام (1) في الجاهلية بعد قصي بن كلاب فنزلوا بوادي طوى تحت سمرات يستظلون بها فاختبزوا ملة (2) لهم ولم يكن معهم أدم فقام رجل منهم إلى قوسه فوضع عليها سهما ثم رمى به ظبية من ظباء الحرم وهي حولهم ترعى، فقاموا إليها فسلخوها وطبخوها ليأتدموا بها، فبينما هم كذلك وقدرهم على النار تغلي بها وبعضهم يشوى إذ خرجت من تحت القدر عنق من النار عظيمة فأحرقت القوم جميعا ولم تحرق ثيابهم ولا أمتعتهم ولا السمرات التي كانوا تحتها.
ورأيت في مختصر الاحياء للشيخ شرف الدين بن يونس شارح التنبيه في باب الاخلاص أن من أخلص لله تعالى في العمل وإن لم ينو (3) ظهرت آثار بركته عليه وعلى عقبه إلى يوم القيامة، كما قيل: إنه لما اهبط آدم عليه السلام إلى الأرض جاءته وحوش الفلاة تسلم عليه وتزوره، فكان يدعو لكل جنس بما يليق به، فجاءته طائفة من الظباء فدعا لهن ومسح على ظهورهن فظهر منهن نوافج المسك، فلما رأى ما فيها من ذلك غزلان اخر فقالوا (4): من أين هذا لكن؟ فقلن: زرنا صفي الله آدم