والرواة المذكورين أن موسى بن جعفر - عليه السلام - كان في حبس هارون الرشيد، وهو في المسجد المعروف بمسجد المسيب من جانب الغربي بباب الكوفة لأنه قد نقل الموضع إليه من دار السندي بن شاهك، وهي الدار المعروفة بدار ابن [أبي] (1) عمرويه، وكان موسى - عليه السلام - [هناك، و] (2) قد فكر هارون الرشيد في قتله بالسم، فدعا بالرطب فأكل منه، ثم أخذ صينية فوضع فيها عشرين رطبة، وأخذ سلكا فغرقه بالسم في سم الخياط، وأخذ رطبة من تلك العشرين الرطبة وجعل يردد ذلك السلك المسموم في أول رطبة إلى آخرها، حتى علم أنه قد مكن السم فيها واستكثر من ذلك.
ثم أخرج السلك منها وقال لخادم له: احمل هذه الصينية إلى موسى بن جعفر، وقل له: إن أمير المؤمنين أكل من هذا الرطب وتنغص لك، وهو يقسم عليك بحقه لما أكلته عن آخر رطبة لأني اخترته لك بيدي، ولا تتركه يبقي منه شيئا، ولا يطعم منه أحدا.
فأتاه الخادم وأبلغه الرسالة، فقال له موسى - عليه السلام -: ائتني بخلالة، فأتاه بها وناوله إياها وقام بإزائه وهو يأكل الرطب، وكان للرشيد كلبة أعز عليه من كل ما في مملكته ومن أبيه، فجذبت نفسها وخرجت تجر سلاسلها من ذهب وفضة وجواهر منظومة حتى عادت إلى موسى ابن جعفر - عليه السلام -، فبادر بالخلالة إلى الرطبة المسمومة فغرزها ورمى بها إلى الكلبة، فأكلتها الكلبة، فلم تلبث أن ضربت بنفسها الأرض وعوت وتقطعت قطعا، واستوفى موسى - عليه السلام - باقي الرطب، وحمل