فقلت: الحمد لله.
قال: ثم إن سيدي - عليه السلام - دعاني في ليلة اليوم الثالث فقال لي:
إني على ما عرفتك [من] (1) الرحيل إلى الله عز وجل، فإذا دعوت بشربة من ماء فشربتها، ورأيتني قد انتفخت وارتفع بطني، واصفر لوني، واحمر واخضر وتلون ألوانا فخبر الطاغية بوفاتي، فإذا رأيت بي هذا الحدث فإياك أن تظهر عليه أحدا، ولا على من (2) عندي إلا بعد وفاتي.
قال المسيب بن زهير: فلم أزل أترقب (3) وعده حتى دعا - عليه السلام - بالشربة فشربها، ثم دعاني فقال لي: يا مسيب، إن هذا الرجس السندي ابن شاهك سيزعم أنه يتولى غسلي ودفني، وهيهات هيهات أن يكون ذلك أبدا، فإذا حملت إلى المقبرة المعروفة بمقابر قريش فألحدوني بها، ولا ترفعوا قبري فوق أربع أصابع مفرجات، ولا تأخذوا من تربتي شيئا لتتبركوا به، فإن كل تربة لنا محرمة إلا تربة جدي الحسين بن علي - عليه السلام - فإن الله تعالى جعلها شفاء لشيعتنا وأوليائنا.
قال: ثم رأيت شخصا أشبه الناس (4) به جالسا إلى جانبه، وكان عهدي بسيدي الرضا - عليه السلام - وهو غلام فأردت سؤاله، فصاح بي سيدي [موسى] (5) - عليه السلام - وقال [لي] (6): أليس قد نهيتك، يا مسيب؟