فلما دخلت عليه أقبل على ابنه جعفر - عليه السلام -، فقال (له) (1): إقرأ زرارة صحيفة الفرائض، ثم قام لينام، فبقيت أنا وجعفر - عليه السلام - بالبيت (2)، فقام فأخرج إلي صحيفة مثل فخذ البعير، فقال: لست أقرئكها حتى تجعل لي الله عليك، ألا تحدث بما تقرأ فيها أحدا أبدا حتى آذن لك، ولم يقل: حتى يأذن لك أبي، فقلت: أصلحك الله ولم تضيق علي ولم يأمرك أبوك بذلك؟ فقال (لي:) (2) ما أنت بناظر فيها إلا على ما قلت لك.
فقلت: فذاك لك، وكنت رجلا عالما بالفرائض والوصايا، بصيرا بها، حاسبا لها، ألبث الزمان أطلب شيئا يلقي علي من الفرائض والوصايا لا أعلمه فلا أقدر عليه، فلما ألقى إلي طرف الصحيفة إذا كتاب غليظ يعرف أنه من كتب الأولين، فنظرت فيها فإذا فيها خلاف ما بأيدي الناس من الصلة والامر بالمعروف الذي (ليس) (4) فيه اختلاف، وإذا عامته كذلك، فقرأته حتى أتيت على آخره، بخبث نفس وقلة تحفظ واستقام (5) رأي، وقلت: وأنا أقرؤه؟ باطل حتى أتيت على آخره، ثم أدرجتها ودفعتها إليه، فلما أصبحت لقيت أبا جعفر - عليه السلام - فقال لي:
أقرأت صحيفة الفرائض؟ فقلت: نعم.
فقال: كيف رأيت ما قرأت؟ قال: قلت: باطل ليس بشئ هو خلاف ما الناس عليه، قال: فإن الذي رأيت والله يا زرارة هو الحق الذي