وأصحابهم أعداء ديننا فهو لم يسمع كلام ربنا ولم يعمل به.
قال أبو عبد الله جعفر بن محمد - عليه السلام - فأخبر مسلمة أخاه بما سمع، فلم يعرض لنا حتى انصرف إلى دمشق وانصرفنا إلى المدينة، فأنفذ بريدا إلى عامل المدينة بإشخاص أبي وإشخاصي معه، فأشخصنا إليه، فلما وردنا دمشق حجبنا ثلاثة أيام، ثم أذن لنا في اليوم الرابع، فدخلنا وإذا هو قد قعد على سرير الملك، وجنده وخاصته وقوف على أرجلهم سماطين (1) مستحلين، وقد نصب البرجاس (2) حذاءه وأشياخ قومه يرمون.
فلما دخل أبي وأنا خلفه، ما زال يستدنينا منه حتى حاذيناه وجلسن قليلا، فقال لأبي: يا أبا جعفر إرم مع أشياخ قومك الغرض، فإنما أراد أن يهتك بأبي، وظن أنه يقصر ويخطئ ولا يصيب إذا رمى، فيشقي منه بذلك، فقال له أبي: قد كبرت عن الرمي، فان رأيت أن تعفيني، فقال: وحق من أعزنا بدينه ونبيه محمد - صلى الله عليه وآله - لا أعفيك.
ثم أومأ إلى شيخ من بني أمية أن أعطه قوسك، فتناول أبي عند ذلك قوس الشيخ، ثم تناول منه سهما فوضعه في كبد القوس، ثم انتزع ورمى وسط الغرض فنصبه فيه، ثم رمى فيه الثانية، فشق فواق (2) سهمه إلى نصله، ثم تابع الرمي حتى شق تسعة أسهم بعضها في جوف بعض، وهشام يضطرب في مجلسه، فلم يتمالك أن قال: أجدت يا أبا جعفر!