أعلم بذلك من غيره).
وكان معنا رجل من أهل خراسان من بلخ يكنى بأبي عبد الله، فتغير وجهه، فقال أبو عبد الله - عليه السلام -: (لعلك ورعت مما سمعت).
قال: قد كان ذلك.
قال أبو عبد الله - عليه السلام -: (فهل (1) كان هذا الورع ليلة نهر بلخ)؟
فقال: جعلت فداك وما كان بنهر بلخ؟! قال: (حيث دفع إليك فلان جاريته لتبيعها، فلما عبرت النهر افترعتها في أصل الشجرة) فقال: لقد كان ذلك جعلت فداك، ولقد أتى لذاك أربعون سنة، ولقد تبت إلى الله من ذلك، قال رجل: لقد تاب الله عليك.
ثم إن أبا عبد الله - عليه السلام - أمر معتبا غلامه أن يسرج حماره فركب وخرجنا معه، (حتى برزنا إلى الصحراء، فاختال الحمار) (2) في مشيئته - في حديث له طويل - (فدنا منه أبو عبد الله - عليه السلام -) (3) ومضينا حتى انتهينا إلى جب بعيد القعر، وليس فيه ماء، (فقال البلخي:
اسقنا من هذا الجب فان هذا جب بعيد القعر وليس فيه ماء) (4)، فدنا إليه (5) - عليه السلام - وقال: (أيها الجب السامع المطيع لربه اسقنا مما جعل الله فيك)، قال: فوالله لقد رأينا الماء يغلي غليانا حتى ارتفع على وجه الأرض وشرب (6) وشربنا.